** الخدعة الرهيبة **

تمهيد :
 

عندما تنقلب موازين القيم،وتختبل الوسائل في تضليل الرأي العام العالمي،ويراد للانسانية أن لا تنعم بسلامها،ويراد للشعوب أن تحترق بنار العداوات الواهمة.حينها تنجلي الحقيقة وتنكشف المزاعم وتتهافت الأكاذيب وتتهاوى على أقدام الشعور الانساني النبيل المحب للسلام لبني البشر كلهم على اختلاف توجهاتهم وثقافاتهم.


وكما خابت كثير من المحاولات في ماضي البشر، يتكرر اليوم سيناريو رواية مزعومة روجت لها كثيرا اٍدارة بوش ، تبغي من ورائها ترويع العالم بأسره تحت كثير من المسميات البراقة والمفتعلة، نظر لها كثير من أمثال صموئيل هانتنغتون وأشباهه . وراحو يكثرون من حكايات صراع الحضارات وما يصور على أنه ( الخطر الاٍسلامي المهدد ) للعالم.وباسم هذه الشعارات ........، كل ذلك بدعوى مطاردة ( الاٍرهاب الاٍسلامي ) وتنظيم القاعدة الذي لم نسمع بمثله اٍلا في أساطير أفلام الويسترن ، والذي لم تتمكن أعتى دولة عسكرية في العالم ، اٍلى الآن من وضع حد له .أصداء " الخدعة الرهيبة "وقد لاقى كتاب الخدعة الرهيبة صدى اٍيجابيا على كثير من المنابر الاٍعلامية والثقافية بالعالم أجمع وكذا بالعالم العربي والاٍسلامي،وكان ذاك ما أدى بكثير من الجهات اٍلى اٍستدعاء السيد ميسان لعرض أطروحاته حول تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر ، وتمحيص الرواية الرسمية الأمريكية .وقد زار خلال جولة عريضة كل من دولة الاٍمارات العربية المتحدة،والتي سمح له فيها مركز زايد للمتابعة والتنسيق مشكورا بترجمة الكتاب الى العربيةو وطبعه،وهنا نود أن نحيي سعي هذا المنبر الحر اٍلى نشر المعلومة والرأي الآخر المخالف للرواية الرسمية الأمريكية.كما استدعي السيد ميسان الى دولة قطر ضيفا على قناة الجزيرة الفضائية،ذاك المنبر الاٍعلامي الحر والذي تمتن له شبكة فولتير ،وكذا السيد ميسان بالعرفان على التجسيد الفعلي لمعنى حرية الرأي والتعبير.وقد تنقل السيد ميسان كذلك الى المملكة المغربية مستدع من طرف القناة الفضائية المغربية الثانية مشكورة هي الأخرى على فسحها مجال التعبير عن آراء المواطنين،واٍضافة اٍلى هذا تمت استضافة رئيس شبكة فولتير اٍلى قناة (آي أن أن )الاٍخبارية العربية،ثم واصل رحلته اٍلى الجمهورية الاٍسلامية الاٍيرانية حيث لا يفوته هنا أن ينوه بصدق معنى حرية التعبير التي عبر عنها البرنامج الذي استدعي اٍليه .وقد ترجم كتاب الخدعة المرعبة من لغته الفرنسية الأصلية اٍلى أغلب لغات العالم،وقد حظيت الترجمة العربية بعدة نسخ تعددت في العناوين واتحدت في المضمون،اٍلى جانب اللغةالفارسية،الروسية،الألبانية،الانجليزية،الاسبان ية وغيرها.كما تصفح الحدث صفحات الصحافة الدولية والعربية منها على حد سواء.وحتى لا نطيل على القارىء الكريم في سرد تداعيات الكتاب وما أحدثه من صدمات على الصعيد العالمي فيما يخص صدق الرواية الرسمية الامريكية،نترك السيد تييري ميسان في تقديمه للكتاب على أمل أن نبدأ طرح كتاب الخدعة الرهيبة في حلقات ابتداءا من الأسبوع القادم آملين أن تكون بداية لحوار فكري وثقافي بناء هادء وهادف.تييري ميسان في سطوربعد دراسات في العلوم السياسية، ساهم تييري ميسان في اٍنعاش جمعية دولية للدفاع عن الحقوق الفردية،ثم اتجه اٍلى التحقيق الصحفي.فقادته مسيرته لأن يصبح خبيرا في حقوق الانسان لدى مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا،ورئيسا لتحرير شهرية Maintenant . ثم رئيسا لشبكة فولتير. وكمراقب يقظ للأحداث الدولية،حيرته غرابة الصور الأولى للهجوم على البنتاغون ،وغموض وتناقضات التصريحات الرسمية -بما فيها تلك المتعلقة بمركز التجارة العالمي -فقام بتحقيق قاده من مفاجأة اٍلى أخرى ،وهي مفاجأة أكثر اٍذهالا و اٍرعابا من بعضها البعض.وكتاب الخدعة الرهيبة في حقيقته ،ليس بالفلسلفة العميقة ولا بالطرح الاٍديولوجي المعقد ،حتى يدعي مدع أنه من صنع فلسفة امرء وسفسطته.بل هو تحليل بسيط لتلك الأحداث المروعة التي ضربت ضمير الانسانية بما انبنى عليها فيما بعد وبما خلفته.والكتاب في اٍستدلالاته ليس بدعا من صنع تييري ميسان،بل المهم والمثير فيه أنه يستند بشكل كامل على وثائق البيت الأبيض ووزارة الدفاع وكذا تصريحات القادة الميدانيين والعسكريين الأمريكييين للصحافة الدولية.وكل المعلومات الواردة فيه محالة اٍلى مصادرها ويمكن التثبت منها كما سترى بنفسك أيها القارىء الكريم.ونود أن نشير هنا اٍلى أن اٍدارة بوش عمدت اٍلى حذف الكثير من الوصلات الاٍلكترونية ومواقع التصريحات الرسمية ،لكن ذلك جاء متأخرا بعد أن أمكن حفظها قبل أوان حذفها .

" مقدمة "

تييري ميسان لكتابه ( الخدعة الرهيبة )


تابع أحداث الحادي عشرمن سبتمبر2001 مباشرة ، مئات الملايين من الأشخاص الذين كانوا مشدودين إلى شاشات التلفزيون.كان مشاهدو الشاشة الصغيرة، وكذلك المعلقون مشدوهين أمام هول الهجوم، وأمام صدمة العنف المجاني.وقد اٍضطرت القنوات الفضائية أمام غياب الأخبار حول موقف السلطات الأمريكية وكذلك عنف الصور المنقطع النظير، إلى بث صور الطائرات الاٍنتحارية وهي تخترق برجي وورلد تريد سنتر، ثم اٍٍنهيارهما دون انقطاع.وقد حصرت ضرورات البث المباشر مضافا إليها عامل المفاجأة، الأخبار في مجرد وصف لوقائع معروفة للتو، وحالت دون إدراك شامل لما يحدث.

وفي الأيام الثلاثة التي تلت الاعتداءات، سلمت العديد من الأخبار التكميلية إلى الصحافة من طرف الجهات الرسمية، حول الجوانب غير المعروفة لهذه الأحداث.غير أن هذه الأخبار أغرقت في السيل غير المنقطع لقصاصات الأخبار المتعلقة بالضحايا وبأعمال الإغاثة.وقد ظهرت معطيات أخرى بشكل متفرق على مر الشهور، لكنها بدت كأنها ثانوية، لأنها لم توضع في سياقها.

لقد أزهقت أرواح الآلاف من الأشخاص يوم11سبتمبر، وشنت حرب في أفغانستان من أجل الثأر لهم.ومع ذلك يظل الغموض يكتنف هذه الأحداث، نظرا لكون العلاقات في ما بينها زاخرة بالغرابة والالتباس والتناقضات.وبالرغم من عدم الارتياح الذي تثيره، فان الرأي العام اكتفى بصيغتها الرسمية، علما بأن أولويات الأمن القومي لا تسمح للسلطات الأمريكية بقول كل شيء.

غير أن هذه الرواية الرسمية لا تصمد أمام التحليل النقدي.وسنبين أنها ليست سوى توضيب.في بعض الحالات تسمح العناصر التي استقيناها بإظهار الحقيقة.وفي حالات أخرى ظلت، أسئلتنا لحد الساعة دون إجابات، ولكن ليس هذا سببا في الاستمرار في تصديق أكاذيب السلطات.وكيف ما كان الحال، فاٍن الملف الذي أنجزناه يمكن من التشكيك في مشروعية الرد الأمريكي في أفغانستان و" الحرب ضد محور الشر ".

ولا ندعوك، أيها القارئ إلى اعتبار عملنا هذا حقيقة نهائية، بل ندعوك إلى الشك، والى الاحتكام إلى حسك النقدي.ولكي تتمكن من فحص ما نسوقه في هذا الكتاب وتخرج برأيك الخاص، أغنينا النص بالعديد من الإحالات التي تشير إلى المصادر الأساسية.

وحري بنا، في الوقت الذي تميز فيه الولايات المتحدة بين الخير والشر، أن نذكر بأن الحرية ليست هي الاٍعتقاد برؤية تبسيطية للعالم، وإنما فهم وتوسيع للخيارات ومضاعفة للتمايزات . " تحرير : رامـــــي "

 

عن " فولتير " 2/7/2004
 
" ترجم الكتاب من نسخته الفرنسية الأصلية الى اللغة العربية : مركز زايد للمتابعة والتنسيق بدولة الامارات العربية المتحدة "
 
 
***
 
الباب الأول
الخدعةالرهيبة الفصل الأول " مشهد دموي"
 


هل تتذكرون الهجوم على البنتاغون؟لقد كانت الأحداث غاية في الخطورة والمفاجأة اٍلى حد أضحى من غير الممكن التقاط تناقضات الرواية الرسمية في حينه. ففي يوم 11سبتمبر 2001، قبيل الساعة العاشرة بتوقيت واشنطن أصدرت وزارة الدفاع البلاغ المقتضب التالي: "لا زالت وزارة الدفاع تواصل مواجهة الهجوم الذي نفذ هذا الصباح على الساعة التاسعةو38دقيقة.ولا تتوفر لحد الساعة أي حصيلة للضحايا.وقد نقل الموظفون الجرحى اٍلى عدد من المستشفيات المجاورة.وأعرب كاتب الدولة للدفاع ( وزير الدفاع ) السيد دونالد رامسفيلد عن مواساته لعائلات الضحايا،الذين قتلوا أو جرحوا، اُثر هذا الهجوم الغاشم . وهو يشرف على اٍدارة العمليات من مركز قيادته في البنتاغون .وقد أخلي المبنى من جميع الموظفين، في الومعتبرة،تقوم فيه مصالح التدخل السريع التابعة لوزارة الدفاع والمقاطعات المجاورة بمواجهة النيران وتقديم العلاجات المستعجلة.وتشير التقديرات الأولية اٍلى وقوع خسائر معتبرة، ومع ذلك فاٍن البنتاغون سيفتح أبوابه غدا صباحا.ويجري الآن اٍعداد جرد بأماكن العمل البديلة عن الأجزاء المتضررة من المبنى". [1]وبحكم وصولها قبل غيرها اٍلى عين المكان ، أعلنت وكالة رويترز أن البنتاغون قد تضرر من جراء انفجار طائرة مروحية.وقد تأكد هذا الخبر بواسطة الهاتف لوكالة أسوشايتد برس [2] ، بواسطة المستشار الديمقراطي بول بيغالا.وبعد ذلك بدقائق قليلة صححت وزارة الدفاع الخبر: الأمر يتعلق بطائرة . وقد وردت شهادات جديدة تقول عكس ما قيل في البداية، وتضفي مصداقية على رواية السلطات : شاهد فرد هاي[3] ، المساعد البرلماني للسناتور بوي ناي، طائرة تسقط بينما كان يقود سيارته على الطريق السيار المحاذي للبنتاغون.وبينما كان السناتور مارك كيرك [4] يهم بالخروج من مستودع السيارات التابع للبنتاغون ، بعدما تناول الفطور صحبة كاتب الدولة في الدفاع ، تحطمت طائرة ضخمة. وكاتب الدولة نفسه دونالد رامسفيلد خرج من مكتبه ، وهرع باتجاه مكان الحادث ليقدم المساعدة للضحايا .وتدخل رجال المطافىء التابعين لمقاطعة أرلنغتون ، أضيفت اليهم أربع فرق تابعة للوكالة الفدرالية للتدخل في حالات الكوارث ، وأيضا رجال المطافىء من مطار ريغان . وحوالي الساعة العاشرة وعشر دقائق ، انهار جناح البنتاغون الذي كان قد أصيب .وأبعدت وسائل الاٍعلام عن مكان الكارثة حتى لا تعرقل أعمال الاٍغاثة ، واكتفت بتصوير أكياس الجثث التي وضعت جنبا اٍلى جنب، بصمت في المستشفى الميداني الذي أقيم على عجل .غير أن وكالة أسوشايتد برس تمكن من الحصول على صور لوصول رجال المطافىء التقطها أحد الخواص من مبنى مجاور .وبسبب حالة الغموض ، تطلب الأمر عدة ساعات قبل أن يشير رئيس أركان القوات المشتركة الجنرال ريتشارد مايرز اٍلى أن " الطائرة الاٍنتحارية" كانت من طراز بوينغ 707-200، الرحلة 77 التابعة لأمريكان اٍيرلاينز ، الرابطة ما بين دالز ، ولوس أنجلس، التي فقد المراقبون الجويون أثرها منذ الساعة الثامنة و55 دقيقة . و دائما في أجواء مطبوعة بالتسرع ، زادت وكالة الأنباء من حدة الضغط بإعلانها عن حوالي 800 قتيل ، وهو رقم مبالغ فيه ، حتى أن كاتب الدولة للدفاع دونالد رامسفيلد امتنع عن تكذيبه خلال لقائه مع الصحافة في اليوم الموالي ، مع أن الحصيلة الدقيقة ، وهي لحسن الحظ أقل من ذلك أربع مرات، أضحت معروفة على وجه التحديد. [5]وبالنسبة للعالم أجمع، يتعلق الأمر بصدمة أخرى جديدة،، بعد الاعتداءين على مركز التجارة العالمي ، معناها أن أقوى جيش في العالم لم يكن قادرا حتى على حماية مقره ، بل تكبد خسائر فادحة . وتبين أن الولايات المتحدة التي كنا نظن أنها لا تقهر ، واهنة حتى في عقر دارها .للوهلة الأولى تبدو الوقائع غير قابلة للنقاش . ومع ذلك ، وبمجرد ما نتطرق اٍلى التفاصيل ، تصبح التفسيرات الرسمية مجردة ومتناقضة .لقد بين المراقبون الجويون للطيران المدني Administration-Faa aviation federal ، لصحفيي جريدة كريستيان ساينس مونيتور [6] Christian science monitor ، أنه وفي حوالي الساعة الثامنة و55 دقيقة هبطت طائرة البوينغ الى ارتفاع تسعة وعشرين ألف قدم، ولم تستجب للتعليمات وأصبح جهاز الراديو فيها صامتا اٍلى درجة ظنوا معها، في البداية ، أن الأمر يتعلق بعطل كهربائي . تم شغل الربان الذي لم يكن ير ، جهاز الراديو مما مكن من سماع صوت ، ولو بشكل متقطع يتحدث بلكنة عربية يهدد ربان الطائرة.ثم عادت الطائرة أدراجها في اتجاه واشنطن.ومن ثم فقدوا أثرها .وطبقا للتدابير المعمول بها ، أشعر المراقبون الجويون المحليون مقر Faa ، باختطاف الطائرة.وقد كان معظم المسئولين على المستوى الوطني غائبين ، فقد سافروا اٍلى كندا لحضور مؤتمر مهني.وفي سياق الحمى التي شهدها هذا اليوم، اعتقد المسئول ، اٍلاهم من درجات دنيا ، بمقر Faa ، أنهم توصلوا للمرة الالف بإشعار يتعلق بالطائرة الثانية التي حول اتجاهها نحو نيويورك . ولم يدركوا أن الأمر يتعلق بتحويل اتجاه طائرة ثالث ، اٍلاا بعد مرور نصف ساعة ، بعد ذلك أخبروا السلطة العسكرية . وقد أدى هذا الاٍهمال اٍلى ضياع وقت ثمين من تسع وعشرين دقيقة .


وعندما سئل رئيس الأركان للقوات المشتركة ، الجنرال ريتشارد مايرز [7] من طرف لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب ، عجز عن توضيح التدابير التي اتخذت من أجل اعتراض طائرة البوينغ.ومن خلال الأخذ والرد مع أعلى سلطة عسكري، استخلصص البرلمانيون أن لم يتخذ أي اٍجراء لاعتراض الطائرة ( انظر نص الجلسة ) . ولكن هل نصدق أن القوات المسلحة للولايات المتحدة ، ظلت مكتوفة الأيدي خلال تنفيذ الاٍعتداءات؟

من أجل الحد من الآثار الكارثية لجلسة الاستماع هذه ، نشرت قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية [8] ، North American Aeroport Defense ، بيانا يوم 14 سبتمبر . وفي محاولة لاستدراك الفجوات التي اعترت ذاكرة الجنرال مايرز ، أشار البيان اٍلى أنه لم يتم الاِشعار باختطاف الطائرة اِلا في الساعة التاسعة وأربع وعشرين دقيقة.وأكد أنه أعطى على الفور أمرا لطائرتين حربيتين من طراز F16 ، بقاعدة لانغلي ( فرجينيا ) ، لاعتراض طائرة البوينغ.غير أن سلاح الجو اعتقد ، لجهله بمكان وجود الطائرة ، أنها ستنفذ اعتداءا جديدا في نيويورك ، فأرسل الطائرتين الحربيتين نحو الشمال .

ويبدو أن طائرة نقل عسكرية كانت قد صادفت ، في طريق اقلاعها عن مطار سانت أندور الرئاسي ، طائرة البوينغ ، وقد تكون حددت هويتها.ولكن بعد فوات الأوان .

وليس من المؤكد أن تكون رواية قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية أكثر مصداقية من رواية رئيس الأركان العامة للقوات المشتركة.لكن،هل بوسعنا أن نصدق أن جهاز الرادار العسكري للولايات المتحدة ،عاجز عن تحديد مكان طائرة بوينغ في منطقة لا يزيد مداها عن بضع كيلومترات؟هل بوسعنا أن نصدق ، أيضا أن طائرة ركاب ضخمة تستطيع أن تتخلص من مقاتلات F16 أرسلت لتتعقبها؟

وحتى لو افترضنا أن البوينغ استطاعت أن تتجاوز هذا الحاجز الأول ، فقد كان من المفروض اِسقاطها عند اقترابها من البنتاغون.وبالتأكيد فاِن الجهاز الأمني الذي يحمي وزارة الدفاع، يعتبر سرا من الأسرار العسكرية ، كما هو الشأن بالنسبة للبيت الأبيض المجاور، علما بأن الجهاز الأمني قد تم تجديده [9] بعد سلسلة من الأحداث التي وقعت سنة1994، وخاصة هبوط طائرة صغيرة من نوع سيسنا L150 ، في حديقة البيت الأبيض .

كما أننا نعرف أيضا، أن هذا الجهاز المضاد للطائرات ، يتم التحكم فيه انطلاقا من قاعدة سانت أندرو [10] الرئاسية . وترابط على الدوام هناك ، كتيبتان قتاليتان : الكتيبة113 التابعة لسلاح الجو، والكتيبة321 التابعة للبحرية، وهما معا مجهزتان بمقاتلات F16 و A18 ، التي لم يكن من الممكن أبدا أن تترك لطائرة البوينغ مجالا للاقتراب.

ولكن ، وكما قال المقدم فيك فارزينسكي ، المتحدث باسم البنتاغون : " لم نكن مدركين أن هذه الطائرة قادمة نحونا ، ولا أظن أن أحدا كان قادرا على توقع شيء من هذا القبيل قبل يوم الثلاثاء ( 11سبتمبر) .[11]

وهكذا وبعدما تخلصت من المقاتلات التي كانت تتعقبها ، وبعدما اجتازت ، دون خسائر ، النظام الدفاعي الجوي المضاد الأكثر تطورا ، استطاعت طائرة البوينغ أن تكمل رحلتها نحو البنتاغون .

والبوينغ 200-757، [12]هي طائرة ش ، عنداقتها الاستيعابية تصل الى 239راكبا ويبلغ طولها 47.05 مترا.وتزن هذه الطائرة الهائلة الحج، عندد الامتلاء 115طنا ، وتصل سرعتها اِلى 900كلم/ساعة .

أما البنتاغون [13] من جهته ، فهو أضخم مبنى اِداري في العالم.يشتغل به ثلاثة وعشرون ألف شخص يوميا. ويستمد تسميته من شكله المبتكر:خمس حلقات مشدودة اِلى مركز واحد.وقد بني غير بعيد عن البيت الأبيض، لكن على الضفة الأخرى لنهر بوتوماك . وهو بالتالي ليس في واشنطن بالذات ولكن في أرلنغتون، بولاية فرجينيا المجاورة .

ولكي تخلف أضرار جسيمة جدا ، كان من الممكن أن تسقط طائرة البوينغ على سقف البنتاغون.فقد كان هذا هو الحل الأكثر بساطة ، لأن ، مساحة البناية هي 29 أكر . [14] وعلى العكس من ذلك ، اختار الارهابيون ضرب واجهة من واجهات البناية ، بالرغم من أن علوها لا يتجاوز24مترا .

وقد اقتربت الطائرة بشكل مفاجىء من الأرض كما لو أنها ستحط . ومع أنها احتفظت بوضعها الأفقي،فقد هبطت بشكل عمودي تقريبا،دون أن تحلق أضرارا بأعمدة الاِنارة على الطريق السيار المحاذي لمستودع السيارات التابع للبنتاغون ، ودون أن تصطدم بها ولو من خلال حركة الريح التي تثير طيرانها .

وبتخفيض ارتفاع الطيران ، تشغل عجلات الهبوط بشكل أوتوماتيكي.وبالرغم من أن ارتفاعها يبلغ ثلاثة عشر مترا، أي ما يعادل ثلاثة طوابق، فاِن طائرة البوينغ قد ارتطمت بواجهة المبنى فقط على مستوى الطابق الأرضي والطابق الأول.وقد انتزعت عجلات الهبوط من أماكنها قبل أن تحط الطائرة على قاعدة البنتاغون . وقد حدث كل هذا (انظر صورة الغلاف) ، دون أن يتضرر عشب الحديقة الجميل في مقدمة المبنى ولا الحائط ، ولا حتى مستودع السيارات . ففي هذا المكان يوجد بالفعل حيز لهبوط طائرات الهيلكوبتر الصغيرة .

وبالرغم من وزنها( حوالي مائة طن ) وسرعتها ( ما بين 400و700كلم/ساعة ) ، فاِن الطائرة لم تدمر سوى الحلقة الأولى من المبنى.وهذا ما نلاحظه بكل وضوح في هذه الصورة .

وقد شعر كل الأشخاص الموجودين في البنتاغون بالصدمة.واشتعلت النيران في خزان الوقود الموجود داخل أجنحة الطائرة.وامتدت ألسنة اللهب اِلى المبنى ، مما أدى اِلى مصرع 125 شخصا، يضاف اليهم 64 شخصا كانوا على متن طائرة البوينغ .

وقد شاءت الصدفة(؟)أن تصطدم الطائرة بجزء من مبنى البنتاجون كانت أعمال تجديده جارية.حيث اقتربت تهيئة مركز القيادة الجديد التابع للبحرية من نهايتها . [15] ولذلك كانت عدة مكاتب شاغرة ، بينما لم يكن في بعض المكاتب الأخرى غير العاملين المدنيين المكلفين بوضع التجهيزات . وهذا ما يفسر كون أغلب الضحايا كانوا من العاملين المدنيين ولم يكن من بينهم سوى جنرال واحد .

وبعد مرور نصف ساعة ، انهارت الطوابق العليا من المبنى .

 


هذه العناصر الأولية محتملة شيئا ما . لكن بقية الرواية الرسمية مستحيلة بالمرة ، فإذا أدخلنا شكل الطائرة في الصورة الملتقطة عبر الأقمار الصناعية ، نلاحظ أن مقدمة البوينغ وحدها هي التي اقتحمت المبنى ، أما أجنحة الطائرة ومتنها فقد ظلت في الخارج .

لقد توقفت الطائرة بشكل تام دون أ يرتطم الجناحان بالواجهة.اِذ لا يظهر أثر للاصطدام عدا أثر مقدمة البوينغ . ولذلك كان علينا أن نرى جناحي الطائرة ومتنها خارج ، بل في الواقع فوق عشب الحديقة .

وإذا كانت مقدمة الطائرة مصنوعة بواسطة مزيج من العناصر السريعة الذوبان ، وإذا كان من الوارد أن تشتعل النيران في الجناحين-اللذين بهما خزان الوقود -فاِن متن طائرة البوينغ مصنوع من مادة شبيهة بهيكل سيارة أو شاحنة ، ويخلف بالضرورة بعد الحريق، حطاما متفحما.وإذا عدتم اِلى صورة اسوشايتد برس-على الغلاف-ستلاحظون بشكل واضح، أنه لا وجود لأي طائرة، مع أن الصورة التقطت في الدقائق الأولى حين وصلت شاحنات الاِطفاء، ولم يكن رجال المطافىء قد انتشروا بعد، كما لم تكن الطوابق العليا للمبنى قد انهارت .

خلال الندوة الصحفية ليوم 12 سبتمبر [16] ، أوضح قائد رجال المطافىء في مقاطعة أرلنغتون اِيد بلاوغر ، أن رجاله استماتوا في مكافحة اندلاع النيران في البنتاغون ، غير أنهم أبعدوا تحديدا عن المكان الذي سقطت فيه الطائرة.وحدها الفرق الخاصة ( البحث والإغاثة الحضرية ) Urban search and rescue التابعة للوكالة الفدرالية للتدخل في حالات الكوارث تدخلت بمحاذاة الطائرة .

وقد دار خلال الندوة الصحفية الحوار السوريالي التالي :

صحفي : " ماذا تبقى من الطائرة ؟ "

القائد بلاوغر : " أولا فيما يخص الطائرة، هناك بعض الشظايا من الطائرة التي يمكن رؤيتها من الداخل خلال عمليات مكافحة الحريق الذي تحدثت عنه ، ولكن الأمر لا يتعلق بحطام كبير الحجم ، في واقع الأمر ، ليست هناك أجزاء من متن الطائرة أو شيئا شبيها بذلك ."

(...)

الصحفي : سيدي القائد ، هناك أجزاء صغيرة من الطائرة منتشرة في كل مكان حتى فوق الطريق السيار-شظايا صغيرة جدا. هل حقا انفجرت طائرة، انفجرت عن آخرها عند الارتطام بسبب الوقود أو....

ابلاوغر : في الحقيقة أفضل عدم الخوض في هذا الموضوع . لدينا العديد من الشهود وبوسعهم أن يخبروكم بشكل أفضل ، حول ما وقع للطائرة عند اقترابها . وإذن نحن لا نعلم .أنا لا أعلم .

"......." صحفي آخر : " اين وقود الطائرة ؟ "

ابلاغور : " لدينا ما نعتقد أنه بركة في المكان الذي يوجد فيه ما نعتقد أنه مقدمة الطائرة ". (كذا)

هكذا وبالرغم من أن العديد من المسئولين الرسميين والبرلمانيين والعسكريين للبنتاغون،يزعمون انهم شاهدوا الطائرة وهي تهوي،فلا احد رأى حتى ولو جزءا بسيطا من حطام الطائرة، ولو عجلات الهبوط: هناك فقط شظايا معدنية لا يمكن تحديد معالمها.اما فيما يتعلق بكاميرات الفيديو المخصصة لمراقبة مستودع السيارات التابع للبنتاغون، فإنها هي أيضا لم تتمكن من رصد الطائرة في أي لحظة من اللحظات ومن أي زاوية كانت .

ولنفحص الرواية الرسمية من جديد : طائرة بوينغ مختطفة قد تكون تخلصت مقاتلات ، اف 16 كانت تتعقبها وأبطلت نظام الدفاع الجوي المضاد في واشنطن ، وقد تكون هبطت بشكل عمودي فوق مستودع السيارات التابع للبنتاغون مع احتفاظها بوضعها الأفقي، وقد تكون ارتطمت بواجهة الطابق الأرضي، ولم تخترق المبنى سوى مقدمتها، وتوقفت تماما قبل أن يخترق جناحها المبنى أيضا، وقد يكون متنها تفكك على الفور.ولم يشتعل الوقود المخزن في الجناحين الا بالقدر الذي يثير حريقا في المبنى، ثم تحول الى بركة انتقلت الى المكان الذي يعتقد أنه مقدمة الطائرة.

بالرغم من الاحترام الذي نكنه ل" شهود العيان" من المستوى الرفيع، من ضباط وبرلمانيين، فانه من المستحيل تصديق مثل هذا الهذيان.ودون اضفاء مصداقية على شهاداتهم، فان نوعية هؤلاء الشهود تؤكد أهمية الوسائل التي تمت تعبئتها من طرف جيش الولايات المتحدة من أجل اخفاء الحقيقة.

ومع ذلك فقد تم تركيب هذه المهزلة الجنونية شيئا فشيئا، كذبة تستدعي أخرى.وإذا رجعتم اِلى البيان الوارد من بداية هذا الفصل، ستلاحظون أن الأمر لم يكن متعلقا بطائرة بوينغ.فنظرية (الطائرة الانتحارية، لمم تظهر الا بعد مرور نصف ساعة بعد ذلك.كما أن الأمر لم يكن متعلقا بمقاتلات تحاول اعتراض الطائرة الشبح خلال جلسة الاستماع لرئيس الأركان العامة للقوات المشتركة.فلم تخترع قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية مسألة تيه مقاتلات اف 16 الا بعد مرور يومين على الحادث .

ان الرواية الرسمية ماهي الا محض دعاية.غي أن هناك مائة وخمسة وعشرون شخصا لقوا حتفهم في البنتاغون واختفت طائرة تقل على متنها أربعا وستون راكبا.ماهي أسباب الانفجار الذي طال البنتاغون؟ وماهو مصير الرحلة 77 لأمريكان ايرلاينز؟ هل لقي ركابها حتفهم، منا كان الجواب بنعم ، من قتلهم ولماذا؟وإذا كان الجواب بلا، فأين هم؟اسئلة عديدة يتعين على الادارة الامريكية الاجابة عليها .

علينا التساؤل بشكل خاص عن الشيء الذي تريد الرواية الرسمية أن تخفيه.فغداة الاعتداء، صرح الجنرال ويسلي كلارك، القائد الأعلى سابقا لقوات حلف شمال الاطلسي خلال حرب كوسوفو، ردا على سؤال لقناة سي ان ان: " كنا على علم منذ مدة بأن بعض المجموعات تخطط (لهجوم ضد البنتاغون)، وبطبيعة الحال لم يكن بحوزتنا الكثير من المعلومات (للقيام بشيء) " [17] هذا التصريح الغامض لا يشير الى أي معتد اجنبي، ولكن يشير الى التهديدات التي يطلقها اليمين المتطرف ضد البنتاغون .كما يشير بشكل ضمني الى المواجهات الخفية التي تمزق الطبقة المسيرة للولايات المتحدة.

في 15 سبتمبر [18] ، أجرت قناة سي ان ان ، استجوابا مع حسني مبارك.في هذا الوقت ، لم يكن الرئيس المصري يتوفر على المعلومات نفسها التي لدينا الآن . كان لا يعرف ماذا يمكن أن يوفر لنا تحليل مفصل للاعتداء من معلومات.لكن في المقابل كانت بحوزته معلومات سرية حول التحضير للاعتداء أبلغها بضع اسابيع من قبل للحكومة الأمريكية .

الرئيس حسني مبارك: "...." لم تكن لأي جهاز استخبارات في العالم امكانية القول انهم سيستعملون خطوطا تجارية وبالركاب، لتفجير البرجين والبنتاغون . ان الذين نفذوا هذه العمليات حلقوا فوق هذه المنطقة مرات عديدة مثلا .ان مبنى البنتاغون ليس شاهقا .فلكي ينطلق ماشرة وبقوة الى البنتاغون على هذا النحو،على الربان أن يكون قد حلق كثيرا فوق هذه المنطقة حتى يتسنى له معرفة الحواجز التي ستعترضه وهو يحلق على ارتفاع منخفض بطائرة تجارية ضخمة قبل أن يضرب البنتاغون في مكان محدد .

لا شك أن هناك أحدا درس كل هذا بعناية فائقة وحلق طويلا فوق هذه المنطقة .

سي ان ان :

هل تلمحون الى أن الأمر قد يكون متعلقا بعملية داخلية ، هل يمكن أن اسألكم من يقف وراء هذا في نظركم؟.

الرئيس حسني مبارك : " بصراحة ، أنا لا أريد أن أخرج بخلاصات متسرعة .أنتم في الولايات المتحدة حينما تلقون القبض على أحد، فان الشائعة تنتشر ، تقولون أوه أوه ، انه ليس مصريا انه سعودي، اماراتي....كل هذا ن انهم العرب ، الناس يعتقدون أن العرب من يقف وراء ذلك...يجدر بنا أن ننتظر.

تذكروا أوكلاهوما سيتي ، انتشرت شائعات تتهم العرب.وتبين فيما بعد انهم بعيدون عن هذا.....دعونا ننتظر ما ستسفر عنه نتائج التحقيق . لأن مثل هذه الأشياء التي و، انافي الولايات المتحدة الأمريكية، ليست يسيرة على ربابنة تدربوا في ولاية فلوريدا، هناك العديد من الأشخاص يتدربون للحصول على رخصة طيران ، وهذا لا يعني انهم قادرون على تنفيذ مثل هذه الاعمال الارهابية . وأنا أحدثكم هنا كربان ساب ، أنا أعرف هذا جيدا.لقد قدت طائرات ضخمة جدا ، كما أنني قدت مقاتلات حربية ، وأنا أعرف هذا جيدا ، انها أشياء ليست سهلة.لذلك أعتقد أنه علينا أن نتريث قبل اصدار الخلاصات " .

وإذا كانت ادارة بوش قد زورت الاعتداء على البنتاغون من أجل اخفاء مشاكل داخلية ، افلا يمكن أن تخفي أيضا ، بعض العناصر المرتبطة بالاعتداءات التي وقعت في مركز التجارة العالمي؟ .

...............

[1] سحب هذا البيان من مطراف الانترنت التابع لوزارة الدفاع.ويمكن الرجوع اليه في موقع أرشيف جامعة يال على الأنترنت: http://www.yale.edu/lawweb/avalon/se...d_brief03.html
[2] قصاصة لوكالة أسوشايتد برس بتاريخ 11سبتمبر2001.Part Of Pantagon Collapse Crash Plane Into Building
[3] The way the worl changedفي مجلة The Christian Science monitor بتاريخ 17 سبتمبر 2001. http://www.csmonitor.com
[4] inside the pantagon minutes beforeraid،بقلم ريك بيرسن في صحيفة " شيكاغو تريبيون" بتاريخ 12 سبتمبر2001.http://wwwc.chicagotribune.com
[5] Dod news briefing بتاريخ 12 سبتمبر 2001.الساعة 15:25.
[6] طبعة خاصة من صحيفة christian Science monitor ، بتاريخ 17 سبتمبر 2001. ويمكن تحميلها من http://www.scmonitor.com/pdf/csm20010917.pdf
[7] يمكن الرجوع اليه على http://www.senate.gov/-armed_services
[8] يمكن الرجوع اليه على http://www.peterson.af.mil/norad/pre...ines.html،انظر أيضا Military alerted before attacks بقلم برادلي جراهام في صحيفة " واشنطن بوست " بتاريخ 15 سبتمبر 2001. http://www.washingtonpost.com.etusjetswer just eight minutes away from shooting down hijackted plane->http://www.washingtonpost.com.etusjetswer just eight minutes away from shooting down hijackted plane],و ، بقلم أندروغامبل في The independent ليوم 20 سبتمبر 2001.http://news.independent.co.uk
[9] انظر Public report of the white house security review،بتاريخ 10 مايو 1995. http://www.fas.org/irp/agency/usraes/usss/tlpubrpt.html
[10] الموقع الرسمي لقاعدة سانت أندرو على الانترنت http://www.dcmilitary.com/baseguides/airforce/andrews
[11] انظر صحيفة " نيوز داي " 23 سبتمبر 2001.
[12] حسب المعلومات التي قدمتها المصنعة http://www.boeing.com/commercial/757-200/product.html
[13] للزيارة الافتراضية للبنتاغون ،انظر http://www.defenselink.mil/pentagon
[14] الآكر هو وحدة قياس تساوي نحو أربعة آلاف متر مربع “ المترجم".
[15] عامود ل : بيل غيرتز بعنوان : inside the ring ، في صحيفة " واشنطن تايمز " بتاريخ 21سبتمبر2001. http://www.washtimes.com
[16] ندوة صحفية ترأستها مساعدة كاتب الدولة في الدفاع فيكتوريا كلارك ن البنتاغون 12 سبتمبر 2001.
[17] Nation’s capital under state of emergecy بثته قناة سي ان ان بتاريخ 12 سبتمبر 2001. http://www.cnn.com ، والمقال موجود على العنوان التالي : http://www.cnn.com/2001/us/09/11/dc....ism/index.html
[18] النص الكامل موجود على مطراف الرئاسة المصرية http://presidency.gov.eg/html/14-sept2001_press_2.html

 

***
 
 
الفصل الثاني

القسم الأول " شركاء على الأرض "
 

لنتذكر كيف قدمت إلينا اعتداءات نيويورك. في يوم الثلاثاء 11سبتمبر 2001، على الساعة الثامنة و50دقيقة، قطعت قناة "سي ان ان" الإخبارية برامجها لتعلن ان طائرة ركاب قد صدمت البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي. ولأنه لم يكن في حوزتها صور، بثت على الشاشة مشهدا ثابتا لحي منهاتن مصورا من أعلى، يظهر ألسنة الدخان تتصاعد من البرج.

للوهلة الأولى، كان يبدو أنها حادثة طيران مروعة، فشركات النقل الأمريكية التي توشك على الإفلاس، تقوم بأعمال صيانة يتدنى مستواها من سيء إلى أسوأ. والمراقبون الجويون يقدمون خدمة لا يمكن الوثوق بها كثيرا. وسمح عدم التقنين الذي يعرفه القطاع على المستوى العام، بالتحليق بشكل عشوائي فوق التجمعات السكانية. وبالتالي، ما كان يتوقع حدوثه، وقع في النهاية.

غير أن لا يمكن أن نستبعد، كما سارعت قناة سي ان ان إلى الإشارة إليه، ألا يكون سقوط الطائرة هذا ناجما عن حادث. يتعلق الأمر إذن بعمل إرهابي. نتذكر أنه في يوم 26 فبراير 1993، انفجرت شاحنة صغيرة مفخخة في الطابق الثاني تحت الأرض، حيث يوجد مستودع السيارات في مركز التجارة العالمي، مما خلف مصرع ستة أشخاص وحوالي ألف جريح. وقد نسب الاعتداء لمنظمة إسلامية يديرها انطلاقا من نيويورك الشيخ عمر عبد الرحمان. وإذا كان سقوط الطائرة، بالنسبة لمعلقي قناة سي ان ان يعتبر هجوما، فمن الوارد أن يكون من تدبير إسلامي آخر، هو الملياردير السعودي سابقا أسامة بن لادن. فقد كان رجل المال هذان اللاجئ في أفغانستان قد دعا بواسطة فتوى، مؤرخة في 23 أغسطس 1996، إلى الجهاد ضد الولايات المتحدة وإسرائيل. وتنسب إليه الاعتداءات التي نفذت في 7 أغسطس 1998 ضد السفارتين الأمريكيتين في كل من نيروبي(كينيا) ودار السلام (تنزانيا). وخلال بضع سنوات أصبح «العدو رقم واحد للولايات المتحدة". وقد خصص مكتب التحقيقات الفدرالي مبلغ خمسة ملايين دولار لمن يقبض عليه. وطالب مجلس الأمن حكومة طالبان بترحيله. ومنذ الخامس من فبراير 2001 شرعت الولايات المتحدة في محاكمته غيابيا في نيويورك.

 

 

وبدأت القنوات التلفزيونية الأمريكية، الواحدة تلو الأخرى، تربط الاتصال المباشر مع نيويورك. وفي الساعة التاسعة وثلاث دقائق، صدمت طائرة ثانية، البرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي. ووقع الاصطدام في الوقت الذي كانت فيه القنوات التلفزيونية تنقل صور البرج الجنوبي وقد اندلعت في النيران. وتم تصوير المشهد من زوايا متعددة وتتبعه مباشرة ملايين المشاهدين. واتضخ أن على الولايات المتحدة أن تواجه عمليات إرهابية على أراضيها.

وخوفا من اعتداءات بسيارات مفخخة، أغلقت سلطات ميناء نيويورك حركة السير على الجسور والأنفاق الواقعة في حي منهاتن (إذن..يخشى من أن يقوم كومندوس يوجد على الأرض بعملية). وعلى الساعة التاسعة وأربعين دقيقة، أخبرت شرطة نيويورك السكان بأنه من المحتمل ان تقوم طائرات أخرى بضرب أبراج أخرى. وعلى الساعة العاشرة، وبينما يجري الإعلان عن هجوم جديد على البنتاغون، انهار البرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي، وظهر ذلك في بث مباشر على شاشات التلفزيون. وبعد ذلك، أي على الساعة العاشرة وتسع وعشرين دقيقة، انهار بدوره البرج الشمالي. وغطت منهاتن سحابة من الغبار. وبدأ الحديث عن حصيلة محتملة من عشرات الآلاف من القتلى. وقد أفرز احتراق الطائرة درجة حرارة قصوى لم تصمد معها الهياكل المعدينة للبرجين.

وقد أغلق حاكم نيويورك، جورج بتاكي، كل المكاتب الرسمية في ولايته وأخطر الحرس الوطني بالقول: (ان لدي أصدقاء داخل هذين البرجين وإنني أفكر فيهم وفي ذويهم وسنبذل قصارى جهودنا لنمد يد المساعدة لكل المتضررين من جراء هذه المأساة). وعلى الساعة الحادية عشرة ودقيقتين، خاطب عمدة نيويورك بالهاتف، عبر إذاعة "نيويورك وان" سكان المدينة قائلا: " إلى أولئك الذين لا يوجدون في منهاتن في هذه اللحظة، أقول ابقوا في منازلكم أو في المكاتب. وإذا كنتم داخل مركز الأعمال تحركوا بهدوء نحو الشمال خارج منطقة الهجوم حتى لا تعرقلوا عمليات الإغاثة، علينا أن ننقذ أكبر عدد ممكن من الأشخاص".

في هذه الأثناء، اخترق جمع غفير يقدر ببضع عشرات الآلاف من الأشخاص، الجسور (المغلق سلفا أمام حركة المرور) لكي يفروا من منهاتن .

وعلى الساعة الخامسة وعشرين دقيقة، انهارت البناية 7 من مركز التجارة العالمي، التي لم تصطدم بها الطائرتان، دون وقوع ضحايا.

واعتبرت مصالح المستعجلات في نيويورك، أن البناية تضررت من جراء انهيار البرجين السابقين. وبدورها قد تكون العمارات المجاورة قابلة للانهيار بالتتابع مثل قطع الدومينو. وقدمت بلدية نيويورك طلبية للحصول على ثلاثين ألف كيس للموتى .

وفي ما بعد الظهر والأيام الموالية، أعيد ترتيب سيناريو الهجوم: إسلاميون، من شبكة بن لادن، منظمين على شكل فرق من خمسة أشخاص ومسلحين بآليات حادة قاطعة، اختطفوا طائرات ركاب. بعدما تم تحريضهم على التعصب، جاءوا للتضحية بأنفسهم بتوجيه طائراتهم الانتحارية للاصطدام بالبرجين .

للوهلة الأولى تبدو الوقائع غير قابلة للنقاش، ومع ذلك كما تقدمنا في فحص التفاصيل، كلما ظهرت التناقضات. لقد تم تحديد نوعية الطائرتين من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي على أنها طائرتي بوينغ747، الأولى تابعة لأمريكان أير لاينز (الرحلة رقم11 الرابطة بين بوسطن ولوس أنجلوس) والثانية تابعة ليونايتد اير لاينز ( الرحلة رقم 175 الرابطة بين بوسطن ولوس أنجلوس). وقد اعترفت الشركتان بفقدان هاتين الطائرتين .

وبفضل بعض الركاب الذين كانوا يتوفرون على أجهزة هاتف محمول، واتصلوا بأقربائهم خلال العملية، نعرف أن قراصنة الجو جمعوا الراكبين في مؤخرة الطائرة، كما جرت العادة في هذه الحالات، ليتم عزل مقصورة القيادة. وقد سهل من هذه العملية العدد القليل للركاب: 81 راكبا على الرحلة رقم 11، و56 على الرحلة رقم 175، في الوقت الذي تتسع فيه كل طائرة منهما ل 139 راكبا .

 

 

وحسب المعلومات التي كشف عنها الركاب بواسطة الهاتف، فان القراصنة كانوا يمسكون فقط بالسلاح الأبيض [1] . وبعدما أغلق المجال الجوي الأمريكي، هبطت كل الطائرات التي كانت تحلق وأخضعت لعملية تفتيش من طرف مكتب التحقيقات الفدرالي. وتم العثور في اثنتين من هذه الطائرات، الرحلة رقم 43 (نيفارك – لوس أنجلوس ) والرحلة رقم 1729 (نيفارك – سان فرانسيسكو) على ’لات حادة قاطعة مشابهة، مخبأة تحت المقاعد. وقد أفاد المحققون بأن كل قراصنة الجو يستعملون هذا النوع من الآلات الحادة القاطعة. وبعد ذلك، عثرت وكالة الاستخبارات المركزية في منزل كان يقيم فيه أسامة بن لادن في أفغانستان، على أكياس بداخلها آلات حادة قاطعة، مؤكدة بذلك أن الإسلاميين تلقوا تدريبا على استعمالها.

غير أن، ومع ذلك من الصعب تصور أن مدبر العمليات قد أغفل تزويد رجاله بأسلحة نارية، وبذلك يكون قد غامر بتعريض عمليته للفشل جزئيا أو كليا. ومما يدعو للاستغراب حقا، هو أن المرور عبر أجهزة المراقبة في المطارات بمسدسات [2] تم تكييفها ، أسهل من المرور بآلات حادة .

لماذا نطرح هذه الأسئلة؟ لأنه في المتخيل الجمعي، المسألة معروفة، العرب وبالتالي الإسلاميون، يحبون نحر ضحاياهم. ولذلك فان الآلات الحادة القاطعة تشير ضمنيا إلى أن قراصنة الجو كانوا جميعا عربا، وهذا شيء يتعين إثباته.

قبل الوصول إلى نيويورك، كان على الطائرتين أن تخفضا كثيرا من ارتفاعهما بشكل يجعل من يقود الطائرتين ينظر إلى البرجين من مستوى أفقي وليس من أعلى. فالمدينة منظورا إليها من أعلى تشبه خريطة تختفي فيها كل العلامات البصرية التي نستدل بها. ولضرب البرجين كان ينبغي التموقع في علو منخفض جدا.

ولم يضبط قائدا الطائرتين العلو الذي منه ستتم العملية فقط، ولكن أيضا جعلا الطائرتين تتموقعان جانبيا. يبلغ عرض البرجين التوأمين 63 مترا و70 سنتمترا، وتبين لنا صور الفيديو ان الطائرتين ضربتا هدفيهما على مستوى المركز بكل دقة. وكان يكفي تحول بسيط من 55 مترا و65 سنتمترا، لتخطأ الطائرتان هدفيهما. وبسرعة متوسطة (700 كلم/ساعة) ، تقطع هذه المسافة في ثلاثة أعشار من الثانية. ان الهامش الضيق للتحكم في قيادة هذه الطائرات يشكل تحديا حتى بالنسبة لربابنة الطائرات المحنكين، فما بالك بربابنة في طور التدريب.
---------------

[1] باستثناء الطائرة التي كانت تقوم بالرحلة 93 والتي انفجرت فوق بنسيلفانيا . فقد أشار الركاب الذين كانوا على متنها أن القراصنة كانوا يحملون علبة اعتبروها أنها قنبلة.

[2] المسدسات المصنوعة من مواد غير معدنية لا يمكن رصدها من طرف البوابات الممغنطة في المطارات.

 
 
***
 
الفصل الثاني

القسم الثاني ( شركاء على الأرض )
 

لقد قدمت الطائرة الأولى من الأمام في اتجاه الريح، الشيء الذي سهل من استقرارها. أما الطائرة الثانية فاضطرت إلى القيام بمناورة دوران معقدة، وكانت من الصعوبة بمكان لأنها تمت في الاتجاه المعاكس للريح، ومع ذلك فقد استطاعت هي الأخرى أن تصطدم بالبرج على ارتفاع جيد وعلى مستوى الوسط.

لقد قدمت الطائرة الأولى من الأمام في اتجاه الريح، الشيء الذي سهل من استقرارها. أما الطائرة الثانية فاضطرت إلى القيام بمناورة دوران معقدة، وكانت من الصعوبة بمكان لأنها تمت في الاتجاه المعاكس للريح، ومع ذلك فقد استطاعت هي الأخرى أن تصطدم بالبرج على ارتفاع جيد وعلى مستوى الوسط.

وأكد الربابنة المحترفون، الذين أخذ رأيهم في الموضوع، أن القليل منهم يستطيع تصور القيام بمثل هذه العملية، ويستبعدون ذلك بشكل قاطع بالنسبة للربابنة الهواة. غير أن طريقة لا يرقى إليها الشك في بلوغ هذا الهدف هي استعمال علامات مرشدة، إشارة تصدر انطلاقا من الهدف تجتذب الطائرة التي تحلق باستعمال القيادة الأتوماتيكية. ووجود علامة مرشد في مركز التجارة العالمي أثبتته الإذاعات الأمريكية التي التقطت إشارتها.

وقد تم رصد هذه الإشارة لأن ذبذباتها تداخلت مع إرسال الهوائيات التلفزيونية المثبتة فوق البرجين. ويحتمل أن تكون هذه الإشارة أطلقت في اللحظة الأخيرة لتلافي اكتشاف أمرها، وبالتالي، تدميرها. كما أنه من المحتمل أن يكون المختطفون قد استعملوا علامتين، لأنه يصعب أن تقوم علامة واحدة بالمهمة، بالرغم من تجاور الهدفين.

وعلى كل حال كان من الضروري وجود شركاء على الأرض. وإذا كان الأمر كذلك، فلم يكن هناك داع لوجود عدد كبير من المختطفين على متن الطائرة. مجموعة صغيرة كانت تكفي لتحويل الطائرة إلى القيادة الأتوماتيكية. كما أنه لم يكن ضروريا على الإطلاق، وجود مختطفين على متن الطائرة، طالما أن الأمر لم يكن يتعلق باحتجاز رهائن: فمن خلال قرصنة أجهزة الحاسوب الموجودة على متن الطائرة، قبل الإقلاع، كان من الممكن التحكم في قيادة الطائرة خلال التحليق بفضل تكنولوجيا غلوبال هوك Global Hawk التي طورتها وزارة الدفاع [1] ، حينذاك يصبح بالامكان قيادة طائرة البوينغ آليا عن بعد، تماما كطائرة بدون ربان.

وبعد ذلك انهار البرجان عن آخرهما، وأحدثت لجنة للتحقيق من طرف الوكالة الفدرالية لتدبير الحالات المستعجلة Federal Emergency Management Agency وكلفت الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين بالإشراف عليها .

وحسب التقرير الأولي فقد خلف اختراق وقود الطائرتين حرارة تفوق الوصف أضعفت الهيكل المعدني المركزي للبرجين.

وقد رفضت جمعيات الاطفائيين بنيويورك ومجلة " فاير انجينيرينغ " [2] هذه النظرية مؤكدة من خلال معطيات حسابية، أن الهياكل يمكن أن تصمد طويلا خلال الحريق .

ويؤكد رجال الإطفاء أنهم سمعوا صوت انفجارات في قاعدة البرجين ، ويطالبون بفتح تحقيق مستقل [3] . فهم يتساءلون عن المواد التي كانت مخزنة في البنايتين، وأيضا، وفي انتظار أجوبة، عن الانفجارات الإجرامية التي قد تكون وراءها مجموعة متمركزة في الأرض .

وأكد فان روميرو، الخبير الشهير من معهد نيو مكسيكو New Mexico Institute Of Minning And Terchnology أن الانهيار لا يمكن أن تتسبب فيه إلا المتفجرات [4] ، غير أنه تراجع عن رأيه أمام ضغط الرأي العام.

وكيف ما كان الحال ، فان سقوط الطائرتين لا يمكن أن يفسر انهيار عمارة ثالثة وهي البرج رقم 7. فرضية تفكك الأساسات استبعدتها الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين : بالفعل لم يأخذ البرج 7 وضعا مائلا ولكنه انهار تماما. ولذلك يصبح السؤال ليس: " هل تعرض البرج 7 للتفجير ؟"، ولكن " ماهي الفرضية الأخرى التي يمكن صياغتها؟ ".

هنا، يأتي سبق صحفي لصحيفة نيويورك تايمز [5] . ان مركز التجارة العالمي الذي كنا نعتبره هدفا مدنيا، يخفي هدفا عسكريا سريا. ربما يكون آلاف الأشخاص قد لحقوا حتفهم لأنهم كانوا يستعملون كدروع بشرية. أن البرج 7 – وربما عمارات أخرى والطوابق تحت الأرض – كانت تخفي قاعدة لوكالة الاستخبارات المركزية. [6] لقد كانت هذه القاعدة في الخمسينيات مجرد مكتب للتجسس على البعثات الأجنبية في منظمة الأمم المتحدة، لكنها على عهد بيل كلينتون ، وسعت من أنشطتها بشكل غير قانوني لتشمل التجسس التجاري في منهاتن . لقد تحولت الموارد الرئيسية للتجسس المضاد للاتحاد السوفييتي إلى الحرب الاقتصادية. وقد أضحت قاعدة وكالة الاستخبارات المركزية في نيويورك أهم مركز على الصعيد العالمي للاستخبارات الاقتصادية . وعارض تحويل نشاط الاستخبارات بشدة، الجناح التقليدي في وكالة الاستخبارات المركزية وأركان الحرب للقوات المشتركة.

وبشكل استرجاعي، يمكن أن نتساءل عما إذا كان هدف الهجوم الذي نفذ على مركز التجارة العالمي في 26 فبراير 1996 ( ستة قتلى وحوالي ألف جريح ) ، هو هذه المحطة السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية ، علما بأنها كانت حينئذ أقل تطورا .

لقد كان يوجد في البرجين، وقت وقوع الاصطدام الأول ، ما بين ثلاثين وأربعين ألف شخص؟ وكان كل برج يتألف من مائة وعشرة طوابق، وفي كل طابق مائة وستة وثلاثون شخصا على الأقل. وقد اصطدمت الطائرة الأولى فيما بين الطابق 80 والطابق 85. وكان الأشخاص الموجودين في هذه الطوابق قد لقوا حتفهم على الفور، إما بسبب الصدمة، أو بسبب الحريق الذي اندلع بعد ذلك. أما الأشخاص الذين كانوا في الطوابق العليا فقد وجدوا أنفسهم محاصرين لأن ألسنة اللهب كانت تمتد إلى أعلى . وقد اضطر بعضهم إلى أن يلقوا بأنفسهم من ذلك العلو الشاهق بدل الموت احتراقا. وفي النهاية، انهار هيكلا البرجين ، وكل الأشخاص الذين كانوا موجودين في الطوابق الثلاثين الواقعة في أعلى البرجين ، قتلوا. وبعملية حسابية قد يكون عددهم بلغ على الأقل ، أربعة آلاف وثمانين شخصا .

غير انه، حسب الحصيلة الرسمية التي صدرت يوم التاسع من فبراير 2002، فان الهجومين اللذين نفذا في نيويورك، أوقعا في المجموع ألفين ومائة وثلاثة وأربعين قتيلا (الحصيلة النهائية تضمنت الركاب وطاقم الطائرتين ورجال الشرطة والمطافىء ضحايا انهيار البرجين ومستعملي البرجين ) . [7] وهذه الحصيلة أقل بكثير من التقديرات الأولية وتحمل على الاعتقاد بأنه على عكس ما يبدو، فان الهجومين لم يكونا بهدف إلحاق خسائر بشرية مرتفعة إلى حد أقصى. بل على العكس، كان ضروريا التدخل مسبقا من أجل أن يتغيب العديد من الأشخاص، على الأقل أولئك الذين يشتغلون في الطوابق العليا، عن مكاتبهم في الوقت المحدد .

وقد كشفت صحيفة هاآريتز الإسرائيلية عن أن شركة أوديغو الرائدة في مجال الإرساليات الالكترونية استقبلت رسائل تحذير مجهولة المصدر تخبرها بهجومي نيويورك، وذلك قبل ساعتين من تنفيذهما. وقد تأكدت هذه الوقائع للصحيفة من طرف ميشا ماكوفر [8] مديرة الشركة. وقد صدرت تحذيرات من كل نوع إلى أشخاص كانوا في البرج الشمالي حتى وان كان من المحتمل أنهم لم يأخذوا جميعا تلك التحذيرات بنفس الجدية .

ونجد في هذا سيناريو شبيه بسيناريو اعتداء أوكلاهوما سيتي في 19 أبريل 1995، ففي هذا اليوم حصل الجزء الأكبر من موظفي بناية ألفرد.ب. موراه الفدرالية على عطلة من نصف يوم، لكي لا يؤدي انفجار السيارة المفخخة إلى مقتل سوى مائة وثمانية وستين شخصا. ونعرف اليوم أن الاعتداء نفذه عسكريون تابعون لمنظمة يمينية متطرفة مخترقة هي نفسها من طرف مكتب التحقيقات الفدرالي . [9]

وهكذا يكون مكتب التحقيقات الفدرالي في أوكلاهوما سيتي ، قد غض الطرف عن ارتكاب اعتداء بعد أن خذ علما بتنفيذه، غير انه قلل من انعكاساته .

لنستمع الآن، إلى هذا الاعتراف الغريب من الرئيس جورج بوش ، كان ذلك خلال ملتقى في أورلاندو في الرابع ديسمبر . [10]
سؤال : بادئ ذي بدء، أود أن أقول سيدي الرئيس، انه ليس بوسعكم تصور كل ما صنعتموه لبلدنا . والشيء الثاني هو مايلي: ماذا كان إحساسكم عندما أخبرتم بالهجوم الإرهابي؟

الرئيس جورج بوش : شكرا لك يا جوردان. تعرف يا جوردان، لن تصدقوني إذا قلت لكم أي حالة أخذتني عند سماع خبر هذا الهجوم الإرهابي. كنت في فلوريدا. وسكرتيري العام، أندي كارد – في الواقع، كنت داخل فصل دراسي أتحدث عن برنامج ناجع جدا لتعلم القراءة. كنت جالسا خارج الفصل في انتظار لحظة الدخول ، قم رأيت طائرة تصطدم بالبرج – كان جهاز التلفزيون شغالا. وبما أنني كنت أيضا ربانا، قلت، إذن هذا ربان مرعب. ظننت أن الأمر يتعلق ربما بحادثة مروعة. ثم نقلت (إلى الفصل) ولم يكن لدي الوقت للتفكير في ذلك. كنت إذن جالسا في الفصل، فدخل آندي كارد سكرتيري العام، وهو جالس هناك كما ترون، وقال لي " طائرة ثانية صدمت البرج ، لقد هوجمت أمريكا ".

" في الواقع، جوردان، لم اعرف في البداية لماذا أفكر، لقد كبرت في زمن لم يخطر لي فيه على بال أن أمريكا قد تتعرض لهجوم – ولربما كان أبوك أو أمك يفكر مثلي. وخلال هذه البرهة، بدأت أفكر بكل تركيز في ما معنى أن نتعرض لهجوم، فان الجحيم سيكون هو ثمن التعرض لأمريكا ( تصفيق ) " .

هكذا إذن، وحسب تصريحاته، فقد شاهد رئيس الولايات المتحدة صور الاصطدام الأول ، قبل أن ينفذ الثاني . وهذه الصور لا يمكن أن تكون هي نفس الصور التي التقطها بالصدفة جول و جيديون نوديت. فقد ظل الأخوان نوديت يصوران طيلة النهار في مركز التجارة العالمي ، ولم يعرض شريط الفيديو الذي أنجزاه إلا بعد ثلاثة عشر ساعة من طرف وكالة "غاما". يتعلق الأمر إذن، بصور سرية عرضت أمامه على الفور في قاعة العرض المحاطة بإجراءات أمنية، التي أقيمت في المدرسة تحسبا لزيارته. ولكن إذا كانت أجهزة الاستخبارات قد تمكنت من تصوير الاعتداء الأول ، فلأنها كانت قد أخذت علما بذلك في وقت سابق. وفي هذه الحالة، لماذا لم يقوموا بأي شيء من أجل إنقاذ مواطنيهم؟

لننظر إلى معلوماتنا من جديد : كان الإرهابيون يتوفرون على دعم لوجستي من مجموعات متمركزة على الأرض، وشغلوا علامة مرشدة أو علامتين واخطروا من كان في البرجين من أجل التقليص من حجم الكارثة على المستوى البشري وفجروا ثلاث عمارات. وكل هذا على مرأى ومسمع من أجهزة الاستخبارات اليقظة التي لم تحرك ساكنا .

هل يمكن التدبير والإشراف على عملية من هذا القبيل انطلاقا من مغارة في أفغانستان ، وتنفيذها من طرف حفنة من الإسلاميين؟ .
-------------------

[1] انظر مقال: Global Hawk, The Dods Newest Unmaned Air Vehicle، وزارة الدفاع، فبراير 1997.http://www.defenselink.mil/phot/feb1...0000g-001.html
[2] Selling Out the Investigationبقلم بيل مانينغ في صحيفة Fire Engineering،بتاريخ يناير 2002، وانظر أيضا WTC Investigation? A Call To Action ،عريضة منشورة في العدد نفسه لهذه الصحيفة.
[3] مثلا، شهادة الاطفائي لوي كاتشيولي - الفرقة47- على:http://people.aol.com/special/0,114592,174592-3,00.html
[4] في Expolosives Planted In Towers N.M.Tech Expert Says،بقلم أوليفيي أويتبروك في صحيفة "أولبريك جورنال" 11سبتمبر2001، ثم استدرك على Fire, Not Extra Expolosives,Doomed Building, Expert Saysبقلم جون فليك في "أولبكيرك جورنال" ليوم 12 سبتمبر 2001.http://www.abqjournal.com
[5] Secret C.I.A. Site In New York Was Destroyed On sept.11 بقلم جيمس ريزن في صحيفة "نيويورك تايمز" عدد 4 نوفمبر 2001،http://www.nytimes.com
[6] لقد اطلعنا على مجموعة من الشهادات التي تقول ان قاعدة سي آي ايه كانت تقع في الطابقين 9و10 من البرج وقد استعملت للتمويه تسمية Electronic Crime Task Force New Yorkالتابعة للجعاز السري. وقد أرسلت ذات المصادر صورا للبرج 7 أخذت بعد انهيار البرج الجنوبي والتي يظهر فيها وبشكل واضح حريقا في الطابق التاسع http://www.members.aol.com/erichuft/eh_wtc16jpgغير أنه لم يتسنى لنا التحقق من صحة الصور ودقة الخبر.
[7] الحصيلة النهائية لضحايا مركز التجارة العالمي هي 2843 قتيل، خبر لوكالة أسوشييتد برس للأنباء بتاريخ 9 فبراير 2002. هذا الرقم هو الذي أعلنت عنه مدينة نيويورك. وتضع الوكالة من جهتها حصيلة أقل من ذلك تفيد بمقتل 2799 شخص.
[8] صحيفة هاآريتز ليوم 26 سبتمبر 2001 http://haaretzdaily.com وهو الخبر الذي نقله دانييل سيبرج على قناة سي ان ان Firm Says, Message Threaninig FBI Probing 28 سبتمبر http://cnn.comوانظر أيضا Instant Message To Israel Warned Of WTC Attacبقلم بريان وليامز على صحيفة "نيوز بيتس" ايوم27 سبتمبر و أوديغو كلاريفيز للكاتب نفسه في عدد اليوم التالي http://newsbytes.com ، هذا الخبر نقلع معلق لقناة الجزيرة بشكل محرف وحاول استعماله لكي تنسب الاعتداءات للموساد وبأن هذا الأخير قد يكون حذر العالمين اليهود في مركز التجارة العالمي قبل ذلك. وقامت القناة القطرية فور ذلك بفصل الصحافي صاحب هذه الرواية.
[9] A Force Upon The Plain: The Americai Milita Movement And The politics Of Hate بقلم كينيث ستيرن، نشر سيمون وشوستر، 1996. وانظر أيضا الجزء الأول من كتاب The secret Of Bill Clinton: The Unreported Stories لأمبروز ايفانز بريتشارد، نشر ريجنري 1997.
[10] Remarrks by The President In Town Hall meeting, orange Conty convention Centre, Orlando, Florida : http://www.whitehouse.gov/news/reeas...011204-17.html

 
***
 
الفصل الثالث

( جواسيس في حالة كمون بالبيت الأبيض )
 

لنعد إلى الرواية الرسمية لهذا اليوم المرعب. فللرد على الهجومين اللذين وقعا في نيويورك، أطلق مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، روبير مولير الثالث، المخطط المعروف بالكونبلانCONPLAN، وأخبرت جميع الوكالات الحكومية بالكارثة ودعيت إلى المكوث رهن إشارة مركز العمليات والمعلومات الاستراتيجيةSIOC التابع لمركز التحقيقات الفدرالية، ولمجموعة التصدي لحالات الكوارث CDRG ، التابعة للوكالة الفدرالية لتدبير الأزمات FEMA ، وأخليت ثم أغلقت ، كل الأماكن الرئيسية التي يتجمع فيها العموم، والمعرضة لأن تكون مسرحا لعمليات إرهابية.

وبشكل مفاجىء ، وفي حوالي الساعة العاشرة، أصدر الجهاز السري ( جهاز حماية الشخصيات السامية )إنذارا من نوع جديد: البيت الأبيض والطائرة الرئاسية مهددان. وقد نقل نائب الرئيس تشيني إلى المركز الرئاسي للعمليات المستعجلة
Presidential Emergency Operations Center ، وتقع غرفة القيادة تحت الأرض، في الجناح الغربي للبيت الأبيض. وبدأ العمل بمخطط استمرارية الحكومةCoG وبشكل سري، نقلت القيادات السياسية البارزة في البلاد – أعضاء الحكومة ومجلس الشيوخ – إلى أماكن آمنة. وقد نقلتهم مروحيات تابعة للبحرية إلى مخابىء ضخمة مضادة للإشاعات الذرية: موقع هاي بوينت سبيشلي فاسيليتي Hight point Special Facility في ماونت ويدر بولاية فرجينيا وموقع ألترنايت جوينت كومينيكايشن سنتر Alternate Joint Communication Center ، المعرف بموقع ( R ) ، في رافن روك ماونت Raven Rock Mountain قرب كامب ديفيد. وكل هذه المواقع عبارة عن مدن حقيقية تحت الأرض، وهي من بقايا الحرب الباردة، وصممت لاحتضان آلاف الأشخاص.

ومن جهته، فقد غير جورج بوش، الذي كان في طريقه إلى واشنطن، وجهته ، حيث اتجهت الطائرة الرئاسية ( Air Force One ) ، في بداية الأمر ، إلى قاعدة باركسديل (لويزيانا) ، ثم إلى قاعدة أوفوت ( نبراسكا ) ، حيث مقر القيادة الأمريكية الاستراتيجية Us Strategic Command ، أي المكان المحوري الذي توجد به قوة الردع النووية. وفي ما بين القاعدتين تحركت الطائرة على علو منخفض في اتجاهات متعرجة . وكان الرئيس ، بعد الهبوط في القاعدتين ، يجتاز مدرج الطائرات على متن سيارات مدرعة خشية التعرض لنيران القناصة .

ولم تنته إجراءات حماية الشخصيات السامية هذه، إلا بعد الساعة السادسة بعد الظهر، عندما استقل جورج بوش، من جديد الطائرة الرئاسية للعودة إلى واشنطن. وقد تحدث نائب الرئيس، ديك تشيني، الذي كان ضيفا على تيم روسيت في برنامج "ميت ذو برس" – لقاء الصحافة – الذي بثته قناة ان بي سي [2] ، يوم 12 سبتمبر ، عن الإنذار الذي أصدره الجهاز السري وكذلك عن طبيعة التهديد.

وحسب تصريحه، فقد أخبر نائب الرئيس، بشكل مفاجئ ، من طرف ضباط الأمن التابعين له ، بان خطرا كان محدقا به، فتم نقله بالقوة إلى المخبأ المحصن التابع للبيت الأبيض ، لأن طائرة البوينغ المختطفة التي اتضح أنها الرحلة 77 ، تحوم فوق واشنطن. وعندما لم تتضح لها العلامات الدالة على البيت الأبيض ، توجهت لترتطم بالبنتاغون . وبينما كان إجلاء الشخصيات الحكومية والبرلمانية جاريا، أخبر الجهاز السري بأن الطائرة تواجه تهديدا آخر، فهناك طائرة جديدة مختطفة تهدد بالاصطدام ، في الجو بالطائرة الرئاسية .

ومرة أخرى ، لا تصمد هذه الرواية الرسمية أمام التحليل .

ان شهادة نائب الرئيس ترمي إلى تحديد مصدر التهديد: طائرات انتحارية كانت في طريقها نحو البت الأبيض، ونحو الطائرة الرئاسية . انه يعيد الكذبة التي افتضح أمرها في الفصل الأول من هذا الكتاب ، كذبة الرحلة 77 التي تحطمت فوق البنتاجون. بل يزيد على ذلك، بتخيل طائرة انتحارية تحوم حول واشنطن بحثا عن هدف. لكنه يصعب، مع ذلك، على المرء ان يصدق أن الجهاز السري ، الذي ، بدل تشغيل الدفاع الجوي المضاد ، راح يفكر في إجلاء نائب الرئيس نحو المخبأ المحصن. والمضحك حقا، هو ان تشيني اخترع طائرة ركاب جديدة تطارد الطائرة الرئاسية ، كما يفعل الفارس في أفلام الغرب الأمريكي "ويسترن" ، وتريد الاصطدام بها أمام أنظار القوات الجوية الأمريكية التي لا تحرك ساكنا .

وبالرغم من هذه الاحتمالات ، فان هذه الملهاة لا تكفي لتفسير السلوكات. فإذا كان التهديد ينحصر في طائرات انتحارية، فلماذا نحمي الرئيس من احتمال إطلاق نار من طرف قناصة حتى ولو فوق مدرج الطائرات بالقاعدتين العسكريتين الاستراتيجيتين؟ كيف نصدق أن الإسلاميين تموقعوا حتى في الأماكن التي شددت حولها إجراءات الحراسة . ان شهادة ديك تشيني تستهدف، على وجه الخصوص، محو تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض ، آري فلايشر، وتصريحات السكرتير العام للبيت الأبيض كارل روف [3] . لقد كانت المعلومات التي يدلون بها ، تقود إلى التساؤل حول فرضيات داخلية محتملة ، في الوقت الذي لا تريد فيه الدعاية الحربية أن ترى سوى الأعداء الخارجيين .

وتؤكد الصحافة [4] الصادرة يومي 12 و13 سبتمبر ، استنادا إلى المتحدث باسم الرئاسة ( آري فلايشر )، على أن الجهاز السري قد يكون توصل براسلة من المهاجمين تشير إلى أنهم يعتزمون تدمير البيت الأبيض والطائرة الرئاسية. والمدهش حقا، حسب صحيفة نيويورك تايمز، هو انه يحتمل أن يكون المهاجمون، قد استعملوا لجعل مكلماتهم جديرة بالتصديق، شفرات تحديد الهوية وإرسال الإشارات التي في حوزة الرئاسة. والغريب أيضا، حسب صحيفة وورلد نت دايلي [5] ، التي قالت ، استنادا إلى مصادر رسمية مخابراتية ، أن المهاجمين ربما كانوا يتوفرون أيضا، على شفرات إدارة مراقبة العقاقير والمواد المخدرة Drug Enforcement Administration ، ومكتب الاستطلاع القومي National Reconnaissance Office ، والمخابرات التابعة للقوات الجوية Air Force Intelligence ، والمخابرات العسكرية Army Intelligence ، والمخابرات البحرية Naval Intelligence ، مخابرات مشاة البحرية Marine Corps Intelligence، وأجهزة الاستخبارات التابعة لوزارة الخارجية ووزارة الطاقة . وكل شفرة من هذه الشفرات لا توجد إلا في حوزة مجموعة محدودة جدا من الأشخاص. ولا يسمح لأحد بأن يتوفر على أكثر من شفرة. وإذا سلمنا بأن المهاجمين كانوا يتوفرون على هذه الشفرات، فذلك يعني إما أن هنالك وسيلة لاختراقها، وإما أن هناك جواسيس في حالة كمون مندسين في كل أجهزة الاستخبارات هذه. تقنيا، يبدو ممكنا إعادة تركيب شفرات الوكالات الأمريكية ، عبر البرنامج المعلوماتي الذي استعمل في تصميمها، والمعروف باسم بروميس Promis ، علما بأن الحسابات التي ركب منها هذا البرنامج المعلوماتي، كانت قد سرقت، على ما يبدو، من طرف العميل السري روبيرت هانسن التابع لمكتب التحقيقات الفدرالي، الذي ألقي عليه القبض بتهمة التجسس في فبراير2001. [6]

وفي نظر جيمس وولسي ، مدير وكالة الاستخبارات المركزية سابقا، فان هذه الشفرات قد يكون حصل عليها جواسيس مندسون. ويؤكد وولسي، الذي يعتبر حاليا من اللوبي الداعم للمعارضة ضد صدام حسين، أن هذه العملية من تدبير الأجهزة السرية العراقية الخطيرة . وتذهب فرضية ثالثة إلى القول بأن الأجهزة السرية إما مخترقة ، وإما انخدعت بمعلومات غير صحيحة. ذلك أنه لم يكن أبدا بامكان المهاجمين الحصول على هذه الشفرات ، ولكنهم – بفضل تواطؤ جهات معينة – قد يكونوا نجحوا في الدفع إلى الاعتقاد بذلك .

وكيفما كان الأمر، فان مسألة الشفرات تكشف عن وجود خائن ، أو أكثر ، في أعلى مستويات جهاز الدولة الأمريكية . فهم الذين بامكانهم وضع قناصة لقتل الرئيس حتى في داخل القواعد الاستراتيجية للقوات الجوية الأمريكية . ومن أجل الاحتماء من الكمائن التي يحتمل أنها نصبت ، استعمل الرئيس سيارات مصفحة لعبور مدرج المطار في باركسديل و أوفوت .

وهناك جانب آخر لهذه القضية، هو الكشف عن مفوضات موازية. فإذا كان المهاجمون أجروا اتصالا مع الجهاز السري واستعملوا شفرات سرية لتأكدي صدق مكالمتهم، فذلك لهدف محدد . فإما أن تكون رسالتهم متضمنة لمطلب، وإما لإنذار. ومن ثم، وإذا سلمنا بأن التهديد قد زال في نهاية اليوم، فانه لا يسعنا إلا أن نستخلص أن الرئيس بوش قد فاوض وخضع لنوع من الابتزاز .

وكان بامكان المهاجمين ، وهم يتوفرون على شفرات التصديق وارسال الإشارات المستعملة في البيت الأبيض والطائرة الرئاسية، أن ينتحبوا صفة رئيس الولايات المتحدة . كان بوسعهم أيضا ، إصدار تعليمات لمختلف القوات ، بما في ذلك إطلاق النظام النووي. وكان السبيل الوحيد الذي يسمح لجورج بوش في الاستمرار بالتحكم في القوات، هو التواجد شخصيا في مقر القيادة الاستراتيجية الأمريكية في أوفوت ، وأن يصدر شخصيا من هناك، أمر و أمر مضاد . لذلك توجه إلى عين المكان شخصيا. واتضح أن مساره المباشر كان من قبيل المستحيل ، لأن الطائرة الرئاسية التي لم تصمم للتحليق على ارتفاع منخفض استهلكت احتياطي الوقود فيها ، ولا يمكن تزويدها به خلال الطيران دون تعريضها للخطر . لذلك برمج توقف تقني في باركسديل وهو من المواقع الخمس البديلة لأوفوت .

وليست مسألة الشفرات هي العنصر الوحيد الذي اختفى من الرواية الرسمية. فهناك واقعة أخرى ، تم التحقق منها قانونيا، تم إهمالها. ففي يوم11سبتمبر ، على الساعة التاسعة واثنتين وأربعين دقيقة ، بثت قناة أي بي سي ، مباشرة صورا لحريق في المبنى الملحق بالبيت الأبيض المعروف ب (Old Executive Building) ، واكتفت القناة بإظهار مشهد ثابت تبدو فيه أعمدة الدخان تتصاعد من المبنى . ولم يتسرب أي خبر عن أسباب الحادث ولا عن حجمه الحقيقي. ولم يتجرأ أحد على نسب الحريق إلى طائرة انتحارية. وبعد ذلك بربع ساعة، نقل الجهاز السري ديك تشيني من مكتبه، وأمر بإخلاء البيت الأبيض والبناية الملحقة به . وانتشر فريق من أمهر القناصة في محيط المنزل الرئاسي مجهزين بقاذفات للروكيت ، وبامكانهم صد هجوم عبر جيش محمول جوا . وباختصار كان يتعين مواجهة تهديد من طبيعة مختلفة عن تلك التي وصفها ديك تشيني في وقت لاحق .

لنقرأ من جديد نص تدخل الرئيس بوش، الذي سجل في باركسديل وأجل البنتاغون بثه إلى الساعة الواحدة وأربع دقائق بعد الظهر : "أود أن أطمئن الشعب الأمريكي، بأن موظفي الحكومة الفدرالية يعملون على مساعدة السلطات المحلية، بغرض إنقاذ أرواح بشرية ومساعدة ضحايا هذه الهجمات. وكونوا على يقين من أن الولايات المتحدة ستطارد مدبري هذه الأعمال الجبانة. وإنني على اتصال دائم بوزير الدفاع، وبفريق الأمن القومي، ومع حكومتي. وقد اتخذنا جميع الاحتياطات الأمنية اللازمة، لحماية الشعب الأمريكي . وتوجد جيوشنا، داخل الولايات المتحدة وفي أنحاء العالم ، في حالة استنفار قصوى ، وأخذنا جميع الاحتياطات الأمنية الضرورية لسير العمل في أجهزة الدولة .

وقد أجرينا اتصالا مع رؤساء الفرق في الكونجرس، ومع قادة العالم من أجل التأكيد لهم ، بأننا سنعمل كل ماهو ضروري من أجل حماية أمريكا والأمريكيين .

وأطلب من الشعب الأمريكي أن ينضم إلي من أجل التعبير عن الشكر ، لكل الأشخاص الذين يسخرون كل طاقاتهم من أجل إغاثة مواطنينا ومن أجل الصلاة على أرواح الضحايا وعائلاتهم .

ان إصرار أمتنا العظمى يمر بامتحان . ولكن تأكدوا من أننا سنبرهن للعالم بأننا سنجتاز هذه المحنة . وليبارككم الله ".

ان ما يثير الانتباه في هذه الكلمة، هو ان الرئيس يحاول، بكل عناية أن يتلافى الإشارة إلى المهاجمين. فهو لا يستعمل كلمتي "إرهاب" أو "إرهابي". ولكنه يلمح إلى أن الأمر قد يتعلق ببداية صراع عسكري تقليدي أو أي شيء آخر. ويشير إلى "امتحان" سيتم إنجازه، وكأنه يعلن عن كوارث جديدة. والأكثر إثارة، هو أنه لا يقدم أي تفسير حول غيابه عن واشنطن. وهو بذلك، يعطي الانطباع بأنه هرب من مواجهة خطر لازال مواطنوه معرضين له .

لقد عقد آري فلايشر المتحدث باسم البيت الأبيض لقاءين صحافيين عرضيين على متن الطائرة الرئاسية خلال تحليقها لمدة طويلة. وبنفس الحرص الشديد ، الذي أظهره الرئيس بوش ، لم يستعمل هو أيضا كلمتي "إرهاب" أو "إرهابي".

ويمكن في سياق مثل هذا، أن يتم تأويل بدء العمل بإجراء استمرارية الحكومة، بطريقتين مختلفتين. التفسير البسيط جدا، هو اعتبار انه كان ينبغي حماية الرئيس والمسئولين والسياسيين من عمل يقوم به خونة، كان بامكانهم إشعال حريق في مبنى (Old Executive Building) والسطو على الشفرات السرية للرئاسة ووكالات الاستخبارات .

ويمكن بدلا من ذلك، أن نعتبر أنه لم يتم إطلاق خطة (CoG)، من أجل حماية القادة السياسيين من الخونة، ولكن تم إطلاقها من طرف الخونة لعزل القادة السياسيين. بهذا المعنى، تبدو شهادة نائب الرئيس تشيني غريبة. فهو يؤكد أن عملاء الجهاز السري اختطفوه من مكتبة واقتادوه إلى مخبأ البيت الأبيض دون موافقته. ويلمح إلى أن نفس الشيء وقع للأعضاء الرئيسيين في الحكومة والكونجرس. فما معنى أن يقوم الجهاز السري باختطاف منتخبي الشعب ومحاصرتهم في المخابىء المحصنة " من أجل سلامتهم "، إذا لم يكن انقلابا سياسيا ، أو على الأقل انقلابا داخل القصر؟.

ولنعد إلى قراءة العناصر المتاحة : هناك فريق حريق شب في المبنى الملحق بالبيت الأبيض . وأعلنت المسئولية عن الهجمات خلال اتصال هاتفي مع الجهاز السري. وطرح المهاجمون مطالب بل إنذارا وصدقوا على المكالمة الهاتفية باستعمال شفرات التصديق وإرسال الإشارات التي تملكها الرئاسة. وأطلق الجهاز السري مسطرة استمرارية الحكومة ووضع القادة السياسيين البارزين في مكان آخر . ودخل الرئيس ، في ما بعد الظهر ، في مفاوضات . وفي المساء عاد الهدوء.

وهكذا فان الهجمات لم تكن من تدبير متشدد كان يعتقد أنه ينفذ عقابا إلهيا . ولكن من تدبير مجموعة داخل جهاز الدولة الأمريكية نجحت في فرض سياسة ما على الرئيس الأمريكي. وبدلا من انقلاب سياسي كان يستهدف الإطاحة بالمؤسسات ، ألم يكن الأمر انقضاضا على السلطة من طرف مجموعة معينة كامنة في ثنايا المؤسسات؟.

----------------

[1] يمكن تحميل:Interagency Domestic terrorism United States Government Concept Of operation Plan انطلاقا من العنوان التالي:http://www.fbi.gov/publications/conplan.pdf
[2] النص الكامل للحديث الصحفي متوفر على العنوان التالي : http://stacks.msnbc.com/news/629714.asp
[3] انظر بصفة خاصة The Options نيكولاس ليمان في The New Yorker ليوم 25 سبتمبر 2001.
[4] على سبيل المثال مقال " البيت الأبيض يقول أنه تعرض للقصف" White house said targeted بقلم سندرا سوبيراج، صحيفة واشنطن بوست، عدد 12 سبتمبر 2001. ومقال "داخل المخبأ" صحيفة تيويورك تايمز، عدد 13سبتمبر2001.
[5] Digital Moles In White House?Terrorists had top-secret presidential codes,على صحيفة World Net Dailyعدد 20 سبتمبر2001.
[6] Bin Laden’s Magic Carpet-Seeret Us Promis Software بقلم ميتشال.س.روبيرت على الموقع http://www.copvcia.com

 
****
 
الفصل الرابع

( مكتب التحقيقات الفدرالي يتخبط )
 

بذلك الحس التنظيمي المدهش الذي يصنع عظمة الولايات المتحدة، شرع مكتب التحقيقات الفدرالي، يوم11سبتمبر، في إجراء تحقيق، يعتبر الأكبر من نوعه في تاريخ البشرية، أطلق عليه اسم "بنتبومب "Pentagon Twin Towers-Bomb ، وهي اختصار لكلمة ، أي تفجير برجي توين والبنتاغون. واستدعي ربع العاملين فيه، وجند سبعة آلاف موظف من بينهم أربعة آلاف عميل. وأضاف، زيادة على وسائله الخاصة، الملحقين من وكالات أخرى تابعة لوزارة العدل وهي قسم الإجرام، ومكاتب المحامين ومصلحة الهجرة والجنسية. ومن جهة أخرى، اعتمد مكتب التحقيقات الفدرالي على (المنظومة الأمريكية للاستخبارات) برمتها، وعلى الخصوص وكالة الاستخبارات المركزية، ووكالة الأمن القومي ووكالة استخبارات الدفاع. وخارج الولايات المتحدة، استفاد مكتب التحقيقات الفدرالي، من تعاون الشرطة الدولية من خلال منظمة الأنتربول، أو مباشرة من خلال التعاون الثنائي مع أجهزة الأمن في الدول الحليفة.

 

 

ومن جهة أخرى، اعتمد مكتب التحقيقات الفدرالي على (المنظومة الأمريكية للاستخبارات) برمتها، وعلى الخصوص وكالة الاستخبارات المركزية، ووكالة الأمن القومي ووكالة استخبارات الدفاع. وخارج الولايات المتحدة، استفاد مكتب التحقيقات الفدرالي، من تعاون الشرطة الدولية من خلال منظمة الأنتربول، أو مباشرة من خلال التعاون الثنائي مع أجهزة الأمن في الدول الحليفة.

ومن أجل جمع الأدلة أصدر مكتب التحقيقات الفدرالي نداءات للاستعانة بالشهود، منذ مساء اليوم الذي تمت فيه الهجمات. وخلال الأيام الثلاثة الأولى، استقبل ثلاثة آلاف وثمانمائة مكالمة هاتفية، وثلاثين رسالة بالبريد الالكتروني، وألفين وأربع مائة مذكرة من عملائه في الاستخبارات.

وفي اليوم الموالي للهجمات، كان مكتب التحقيقات الفدرالي قد توصل إلى وضع مخطط العملية الذي اعتمده الإرهابيون. [1] ويذهب هذا المخطط إلى أن عناصر من شبكات بن لادن، ربما تكون تمكنت من دخول التراب الأمريكي بطريقة قانونية، وتابعت تدريبات مكثفة على قيادة الطائرات. وقد تكون هذه العناصر، التي انتظمت في أربعة فرق تضم كل واحدة خمسة انتحاريين، تمكنت من اختطاف طائرات ركاب لتنفيذ مهمة الاصطدام بأهداف رئيسية. وفي يوم 14 سبتمبر نشر مكتب التحقيقات الفدرالي لائحة بأسماء قراصنة الجو التسعة عشر المفترضين.

وخلال الأسابيع الموالية، نشرت الصحافة الدولية مقالات عن حياة الانتحاريين، وأبرزن انه لم يكن بامكان أصدقائهم وجيرانهم أن يشكوا في نواياهم. فقد انتشروا بين الناس، وكانوا حريصين جدا على عدم الكشف عن نواياهم. ويحتمل أن يكون هناك " عملاء آخرون في حالة كمون " ينتظرون دورهم، وهو ما يعتبر تهديدا غير مكشوف يخيم على الحضارة الغربية.

يظهر بشكل واضح، أن هذا التحقيق غير متقن على المستوى المنهجي. ذلك انه كان يتعين على المحققين في إطار مسطرة جنائية، وخاصة في أحداث شديدة التعقيد، أن يجمعوا الكثير من الفرضيات، وتتبع كل فرضية على حدة إلى منتهاها، دون إهمال أي واحدة منها. وكانت فرضية الإرهاب الداخلي قد استبعدت مبدئيا، دون أن تخضع لأي دراسة. في حين كانت مصادر قريبة من التحقيق تشير بأصابع الاتهام إلى أسامة بن لادن، وذلك بضع ساعات على تنفيذ الهجمات. كان الرأي العام يطالب بمعرفة الجناة، وقد نفذت رغبته قبل أن ينتهي التحقيق.

قد يكون الإرهابيون انتظموا في الطائرات الأربع المختطفة على شكل فرق من خمسة عشر عناصر تجمعوا في آخر لحظة. الأربع المختطفة على شكل فرق من خمسة عشر عناصر تجمعوا في آخر لحظة. غير أنه لم يكن إلا أربعة عناصر على متن الرحلة 93 التي انفجرت فوق بنسلفانيا، أما العنصر الخامس من الكومندو، زكريا الموسوي، فقد اعتقل، قبل ذلك بوقت وجيز، لعدم توفره على رخصة الإقامة, وكان مكتب التحقيقات الفدرالي قد أكد، في أول الأمر، أن قراصنة الجو تلقوا تدريبات من أجل التضحية بالنفس. لكنه عاد مرة ثانية وزعم، بعد العثور على شريط أسامة بن لادن، أن القراصنة الذين قادوا الطائرات، كانوا وحدهم انتحاريين بينما لم يطلع رفقائهم على الطابع الانتحاري لمهمتهم إلا في اللحظة الأخيرة. وكيفما كان الحال، فان فكرة فرق الانتحاريين تدعو للاستغراب. ذلك أن الانتحار، من وجهة نظر علم النفس، سلوك فردي. فخلال الحرب العالمية الثانية، كان الانتحاريون اليابانيون يتصرفون بشكل فردي، حتى لو كان عملهم يتم باتفاق جماعي. وبالأمس القريب، عندما فقد نفذ أعضاء الجيش الأحمر الياباني (رينغو سيجيكون)، الذين نقلوا هذه التقنية إلى الشرق الأوسط ، عملية مطار اللد (اسرائيل1972)، كان باعتبارهم مجموعة من ثلاثة أعضاء، بعدما تلقوا تدريبا خاصا لمزيد من الالتحام في ما بينهم. ومع ذلك فقد تم اعتقال أحد منفذي الهجوم، وهو كوزو أوكاموتو، حيا. ولا يوجد بين أيدينا نموذج لفرق انتحارية تلقت تدريبات في اللحظة الأخيرة.

من جهة أخرى، وكما لاحظ ذلك سلمان رشدي. [2] بوسعنا أن نؤكد أنه إذا كان القراصنة انتحاريين، فإنهم ليسوا مسلمين، فالقرآن يحرم الانتحار. قد يحدث أن يعرض الإسلاميون أنفسهم للموت، كشهداء، دون أن تكون أمامهم فرصة للنجاة، ولكن لن يقتلوا أنفسهم بأيديهم.

ومع ذلك فان نظرية الانتحار هذه، تثبتها رسالة مكتوبة، بخط اليد، باللغة العربية نشرها مكتب التحقيقات الفدرالي [3] مترجمة إلى اللغة الإنجليزية ونقلتها الصحافة الدولية. وقيل انه عثر على هذه الرسالة في ثلاث نسخ. النسخة الأولى في حقيبة افتقدت، خلال رحلة جوية، في ملكية محمد عطا، والثانية في سيارة تخلى عنها نواف الحازمي في مطار دالز، أما النسخة الثالثة فعثر عليها بين حطام الطائرة التي انفجرت فوق بلدة ستوني كرك في ولاية بنسيلفانسيا. [4]

ويتعلق الأمر بأربع صفحات تتضمن تعليمات دينية:

1- اقسم على الموت وجدد نيتك واحلق وتطيب واغتسل.

2- تأكد من معرفة كل تفاصيل الخطة وتوقع ردة فعل العدو.

3- اقرأ سورتي التوبة والأنفال وتدبر معانيهما وما أعده الله للمؤمنين من النعيم المقيم للشهداء....الخ [5]

وهذه الرسالة التي كتبت بأسلوب ديني تقليدي، تخللته كثير من الإحالات الدينية بأسلوب مماثل لأساليب القرون الوسطى، ساهمت بشكل كبير في تعزيز صورة المتشددين التي قدمتها السلطات الأمريكية للعقاب الشعبي. وهذا أمر مزيف بشكل غير متقن، يفطن لفظاظته، كل من له إلمام بالإسلام، فهذه الرسالة تبتدىء كما يلي " باسم الله، وباسمي الخاص، وباسم عائلتي كذا، بينما المسلمون، وخلافا للعديد من الطوائف الطهرانية الأمريكية، لا يصلون لا باسمهم ولا باسم عائلتهم.7 كذلك، فان النص يتضمن في ثنايا إحدى الجمل لغة لا يتقنها إلا الأمريكيون ولا مكان لها في أسلوب ذي طابع قرآني: " (...) لابد من السمع والطاعة 100% " (كذا).

ويقدم مكتب التحقيقات الفدرالي محمد عطا كزعيم للعملية. فخلال عشر سنوات أقام محمد عطا، وهو مصري يبلغ من العمر 33 عاما، في مدينة سالو في اسبانيا، ثم في زيوريخ بسويسرا – حيث اشترى، حسب المحققين بطبيعة الحال، بواسطة بطاقة ائتمان، سكاكين من صنع سويسري من أجل اختطاف طائرات، وأخيرا أقام في هامبورغ بألمانيا، وتابع بها دروسا في التقنيات الكهربائية صحبة اثنين من الإرهابيين، من دون أن يثير اهتماما من حوله. وعند مجيئه إلى الولايات المتحدة، انضم إلى شركائه في فلوريدا، وتابع دروسا في الطيران بفينيس، ثم ما لبث أن تابع في ميامي حصصا تدريبية، مؤدى عنها على القيادة الأتوماتيكية، بل حرص محمد عطا، لإخفاء تطرفه الديني، على التردد على "أولامبيك جاردن في لاس فيجاس، وهو أكبر كاباريه عصري في العالم. وانتقل هذا العميل الذي يندر وجود مثيل له، إلى بوسطن، يوم 11 سبتمبر عبر رحلة داخلية. ونظرا لأن زمن الترانزيت ما بين الرحلتين ضئيل جدا، فقد أمتعته خلال الرحلة. وعندما احتجز مكتب التحقيقات الفدرالي هذه الأمتعة، وجد بداخلها شرائط الفيديو تتضمن حصصا تدريبية على قيادة طائرات البوينغ وكتابا للأدعية ورسالة قديمة يعرب فيها عن عزمه على الموت شهيدا. وقد اعتبر عطا رئيسا للكومندو من طرف مضيف الطائرة الذي تحدث من هاتفه المحمول خلال اختطاف الطائرة، وأشار إلى رقم مقعده وهو 8D.

 

 

هل علينا أن نأخذ هذه المعلومات على محمل الجد؟ حتى نقوم بذلك، علينا أن نسلم بأن محمد عطا حرص خلال عشر سنوات على إخفاء نواياه، وأن اتصالاته بشركائه كانت تجري وفق إجراءات صارمة لتلافي الاستخبارات. وأن يكون ترك مع ذلك دلائل كثيرة وراءه. وأن يكون، وبالرغم من أنه قائد العلمية، قد خاطر بأن تفوته الرحلة يوم 11سبتمبر، وبأنه تمكن في النهاية من أن يمتطي الرحلة 11 التابعة لأمريكان اير لاينز، دون أن يسترجع أمتعته. ولكن، هل يثقل المرء كاهله بالأمتعة عندما يكون مقبلا على الانتحار؟

ومما يدعو للسخرية حقا، أن مكتب التحقيقات الفدرالي أكد أنه عثر على جواز سفر محمد عطا، في حالة جيدة بين الأنقاض المشتعلة في مركز التجارة العالمي! إنها معجزة حقا، إذ نتساءل كيف "نجت" هذه الوثيقة بعد كل هذه المحن...

من الواضح أن مكتب التحقيقات الفدرالي يقدم دلائل من صنعه. وربما علينا ألا نرى في كل هذا سوى رد فعل مذعور من طرف هيئة للشرطة أظهرت عدم كفاءتها في تفادي وقوع الكارثة، وتحاول بشتى الوسائل أن تلمع صورتها.

غير أنه برز، على نحو يدعو للقلق، سجال حول هوية الانتحاريين. وكتبت الصحافة الدولية تعاليق مطولة حول حياة الإرهابيين التسعة عشر، بحيث تتراوح أعمارهم، جميعا، ما بين خمس وعشرين سنة وخمس وثلاثين سنة، وهم عرب مسلمون، أغلبهم سعوديون وعلى درجة من التعليم، يحركهم الإيمان وليس فقدان الأمل.

وتظل منطقة الظل الوحيدة، هي تلك الصورة النموذجية التي تستند على قائمة مثيرة للنقاش. فالسفارة السعودية في واشنطن أكدت أن عبد العزيز العمري ومهند الشهري وسالم الحازمي وسعيد الغامدي، أحياء يرزقون، وفي صحة جيدة، في بلدهم. وقد أدلى وليد.م.الشهري، المقيم حاليا في الدار البيضاء، ويشتغل قائد طائرة في الخطوط الملكية المغربية، بحديث صحفي لجريدة "القدس العربي" الصادرة في لندن. وصرح الأمير سعود الفيصل، وزير شئون الخارجية السعودي، للصحافة قائلا: " لقد تأكد أن خمسة أشخاص وردت أسماؤهم في لائحة مكتب التحقيقات الفدرالي لا علاقة لهم بما حدث"، بينما صرح الأمير نايف وزير الداخلية السعودي لوفد رسمي أمريكي: " لحد الآن لا يوجد أي دليل على وجود صلة بين (المواطنين السعوديين المتهمين من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي) وهجوم 11 سبتمبر، لم نتوصل بشيء من لدن الولايات المتحدة الأمريكية ". [6]

كيف إذن جرى تحديد هوية هؤلاء الإرهابيين؟ إذا عدنا إلى قائمة الضحايا التي نشرتها الشركات الجوية يوم 13 سبتمبر، نفاجأ بعدم وجود أسماء القراصنة. كما لو أن أسماء المجرمين سحبت وتم الاحتفاظ فقط بأسماء "الضحايا الأبرياء" وطاقم الطائرة. وإذا أحصينا الركاب، نجد 78 من الضحايا الأبرياء في الرحلة 11 التابعة لأمريكان اير لاينز (التي تحطمت على البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي)، و46 في الرحلة175 ليونايتد اير لاينز (التي تحطمت على البرج الجنوبي) و51 في الرحلة 77 التابعة لأمريكان اير لاينز (التي زعم أنها تحطمت فوق البنتاغون)، و36 في الرحلة 93 التابعة ليونايتد اير لاينز (التي انفجرت فوق بنسلفانيا). غير أن هذه القوائم ناقصة، لأنه لم يتم تحديد هوية عدد من الركاب.

وإذا عدنا إلى البيانات10 التي أصدرتها شركات الطيران يوم 11سبتمبر، نلاحظ أن الرحلة رقم 11، كانت تقل على متنها 81 راكبا، وان الرحلة رقم 175 كانت تقل 65 راكبا، والرحلة 77 كانت تقل 58 راكبا، والرحلة رقم 93 كانت تقل 38 راكبا.

كان من المستحيل إذن، من الناحية المادية، أن تنقل الرحلة رقم 11 أكثر من ثلاثة إرهابيين، والرحلة 93 أكثر من اثنين. ولا يعني غياب أسماء قراصنة الجو من لائحة الركاب، أن أحدا سحبها لكي يبدو الأمر « صحيحا من وجهة النظر السياسية "، ولكن بكل بساطة، لأنهم لم يكونوا من بين الركاب. هكذا تتبخر مسألة التعرف على هوية عطا من طرف أحد مضيفي الطائرة بواسطة رقم مقعده 8D.

وخلاصة القول، فان مكتب التحقيقات الفدرالي اخترع قائمة قراصنة الجو، ومن خلالها تم وضع صور نموذجية لأعداء الغرب. وتم دفعنا إلى الاعتقاد بأن هؤلاء القراصنة هم إسلاميون عرب وقد تصرفوا كانتحاريين. وهو ما يفضي إلى تلاشي فرضية العمل الداخلي الأمريكي. في الواقع، نحن لا نعرف شيئا، لا بخصوص هوية "الإرهابيين"، ولا بخصوص أسلوب عملهم. كل الفرضيات تظل واردة. وكما هو الشأن في القضايا الجنائية، فان أول سؤال يطرح هو: " من صاحب المصلحة في ارتكاب الجريمة؟".

غداة الهجمات تحديدا، لوحظ أنه تم القيام بتحركات لها طابع " جنح المضاربين في البورصة" ستة أيام قبل تنفيذ الهجمات. [7] حيث انخفض بشكل مصطنع، سهم شركة يونايتد اير لاينز (المالكة للطائرتين اللتين اصطدمتا بالبرج الشمالي لمركز التجارة العالمي وفي بتر سبورغ) ب 42%، وانخفض سهم شركة أمريكان اير لاينز (المالكة للطائرة التي اصطدمت بالبرج الشمالي لمركز التجارة العالمي) ب39%. ولم تكن أي شركة طيران في العالم موضوع مناورات مماثلة، باستثناء شركة الخطوط الهولندية Royal Dutch Airelines KLM مما يحمل على الاعتقاد بأن طائرة من الشركة الهولندية كانت، ربما، قد اختيرت لتكون هدفا لعملية اختطاف خامسة.س

كما لوحظت تحركات مماثلة حول خيارات بيع رسوم مورغان ستانلي دين فيتر أند كو Morgan Stanley Dean Witer And Co التي ارتفعت بواقع اثنتي عشر مرة. وكان مقر هذه الشركة يتكون من اثنين وعشرين طابقا بمركز التجارة العالمي. ونفس الشيء بالنسبة لرسوم بيع سمسار البورصة الأول في العالم، ميريل لانش أند كو، التي يوجد مقرها المركزي في بناية مجاورة مهددة بالانهيار، والتي ارتفعت بواقع خمس وعشرين مرة، وخاصة بالنسبة لرسوم البيع حول أسهم شركات التأمين المعنية وهي ميونيخ ري Munich Re ، وسويس ري Swiss Re ، وأكسا Axa .

وكانت لجنة مراقبة عمليات البورصة أول من أنذر بذلك. فقد لاحظت أنه في بورصة شيكاغو حقق المكتتبون خمسة ملايين دولار كقيمة زائدة على شركة يونايتد ايرلاينز، وأربعة ملايين دولار على شركة أمريكان ايرلاينز، و1.2 مليون دولار على شركة مورغان ستانلس دين ويتر أند كو، و5.5 مليون دولار على شركة ميريل لانش أند كو.

وفي مواجهة المحققين، تخلى المضاربون بشكل حذر عن تحصيل 2.5 مليون دولار على كقيمة زائدة على أمريكان اير لاينز، ولم يكن لديهم من الوقت ما يكفي للحصول على الأموال قبل أن يصدر الانذار.

وتحصي سلطات المراقبة في البورصات الكبرى الزيادات في القيمة التي [8] حققها المضاربون. وتقوم المنظمة العالمية لمجلس القيم IOSCO 11 بالتنسيق في هذا المجال. وفي 15 أكتوبر نظمت ندوة عبر الفيديو قدمت خلالها السلطات الوطنية تقريرها المرحلي. واتضح أن الزيادات في القيمة غير القانونية تهم مئات الملايين من الدولارات، وهو ما يشكل "أكبر جرم اقتصادي على الإطلاق".

ولا يتوفر أسامة بن لادن، الذي جمدت أرصدته المصرفية منذ سنة 1998، على الأموال الضرورية للقيام بمثل هذه المضاربات. كما أن حكومة طالبان، في إمارة أفغانستان الإسلامية، لا تتوفر بدورها على الإمكانيات المالية.

فقد كان الرئيس بيل كلينتون قد أصدر قرارا بتجميد الودائع المالية لأسامة بن لادن وشركائه والجمعيات والشركات التابعة لهم. وتم هذا القرار بموجب أمر تنفيذي وقع بشكل رمزي يوم 7 أغسطس 1998 (وهو اليوم الذي تم فيه الرد على هجومي نيروبي ودار السلام). وقد تم إضفاء طابع دولي على هذا الأمر بالقرار رقم 1193 الذي أصدره مجلس الأمن في الأمم المتحدة.(13 اغسطس1998). كما قرر بيل كلينتون بأن يشمل هذا الإجراء حركة طالبان وشركاءها ومن يدور في فلكها، بالأمر التنفيذي 13169 (19 اكتوبر1999). وانطلاقا من هذا التاريخ، أصبح من السخف الاستمرار في الحديث عن " الملياردير أسامة بن لادن"، طالما أنه لم يعد بامكانه التصرف في ثروته الشخصية. والإمكانيات التي يتوفر عليها لا يمكن أن ترد إلا من مساعدة سرية – من دولة أو غيرها – وعلى كل حال لا يمكن أن تكون من إمارة أفغانستان الإسلامية.

لقد أمكن التحقق من أن الجزء الأكبر من التعاملات "قام" به المصرف الألماني Deutche Bank ، وفرعه الأمريكي للاستثمارات ألكس براون. وكان يقود هذه الشركة حتى سنة 1998، شخص يدعى أ.ب.كرونغارد. وقد أصبح هذا المصرفي، وهو قبطان بحرية مهووس بالرماية وبفنون الحرب، مستشارا لرئيس وكالة الاستخبارات المركزية، ومنذ 26مارس، أصبح الرجل الثالث فيها. وبالنظر إلى الأهمية التي تكتسبها تحقيقات أ.ب.كرونغارد وتأثيره، فقد يذهب التفكير إلى أن ألكس براون 12 قد تعاون دون صعوبة مع السلطات لتحديد هوية المضاربين. غير أن ذلك لم يحدث.

ومما يدعو للاستغراب، أن مكتب التحقيقات الفدرالي، لم يقتف هذا الأثر. وأغلقت المنظمة العالمية لمجالس القيم تحقيقها دون حل المسألة. غير أنه من اليسير، مع ذلك " تتبع" حركات الرساميل لأن كل التعاملات المصرفية يحتفظ بها في الأرشيف من طرف هيئتين متخصصتين.13 وبمقدورنا أن نسلم بأنه، بالنظر إلى الرهانات الهامة، كان ممكنا خرق السر المصرفي وتحديد هوية المستفيدين المحظوظين من هجمات 11 سبتمبر. غير أن شيئا من هذا لم يحدث.

وكان على مكتب التحقيقات الفدرالي، لما يتوفر عليه من وسائل لا نظير لها، أن يسلط الضوء على كل التناقضات التي سجلناها. كان عليه، من باب أولى، أن يدرس رسائل المهاجمين الموجهة إلى الجهاز السري، من أجل تحديد هويتهم. كان عليه أن يحدد ماذا وقع بالضبط في البنتاغون. كان عليه، أيضا، أن يتعقب رجال المال المضاربين. كما يتوجب عليه أن يذهب إلى مصدر إشارات الإنذار التي وجهت إلى أوديغو لتحذير من كانوا في مركز التجارة العالمي قبل وقوع الهجمات بساعتين. الخ.

غير أنه ن وبدل أن يجري مكتب التحقيقات الفدرالي، تحقيقا جنائيا، انكب على إخفاء الدلائل وكبت الشهادات. فقد زكى رواية الهجوم الخارجي وحاول إضفاء المصداقية عليها بنشر قائمة، وضعت بشكل مرتجل، لقراصنة الجو، وباصطناع دلائل إثبات مزيفة ( جواز سفر محمد والتعليمات الموجهة للانتحاريين...الخ ).

وقد أشرف على عملية التلاعب هذه، مدير مكتب التحقيقات الفدرالي روبير مولر الثالث. كان هذا الرجل، المهم جدا، قد عين من قبل جورج بوش، وتسلم مهامه قبل يوم 11سبتمبر بأسبوع على وجه التحديد.

هل تم إجراء هذا التحقيق الوهمي من أجل القيام بمحاكمة عادلة، أم من أجل غض الطرف عن المسئولين من داخل أمريكا، وبالتالي تبرير العمليات تبرير العمليات العسكرية القادمة؟.

-----------------

[1] لقاء وزير العدل ومدير اف.بي.آي. روبير مولر الثالث، يوم 14 سبتمبر 2001 http://www.usdog/gov/ag/agerisisremarks9_14htm
[2] مقال لسلمان رشدي صدر في صحيفة "واشنطن بوست"، 2أكتوبر2001 بعنوان: Fighting the Forces of invisibility
[3] لقاء صحافي لوزير العدل جون أشكروفت ومدير اف.بي.آي ربير مولر الثالث في 28سبتمبر 2001.http://www.usdog/gov/ag/agerisisremarks9_28htm
[4] أشارت العديد من الصحف الأوروبية عن طريق الخطأ الى أن اف.بي.آي، عثر على هذه الرسالة بين الأنقاض في البنتاغون.
[5] أخذت هذه الفقرات من الرسالة بنصها العربي كما نشرتها وسائل الاعلام العربية، انظر على سبيل المثال النص الكامل للرسالة في جلايدة الشرق الأوسط، عدد 30 سبتمبر 2001 (المترجم)
[6] أشار الصحفي النجم بوب وودوارد بشكل يدعو الى الاستغراب الى هذا الخطأ في اليوم ذاته، غير أنه لم يستخلص شيئا. انظر صحيفة واشنطن بوست ليوم 28 سبتمبر 2001، مقالة بعنوان : Hijacker’s Bags, A Call To Planing Prayer And Death.
[7] انظر المقال الذي كتبه دوغلاس جيهل في صحيفة واشنطن بوست يوم 10سبتمبر2001، بعنوان : Saudi Minister Asserts That
[8] لموقع الرسمي للمنظمة العالمية لمجالس القيم http://www.iosco.org/iosco.html

 
***
 
 
الفصل الخامس

(هجوم مضاد أم نعمة غير متوقعة ؟ )
 

وجه الرئيس جورج . و . بوش مساء الحادي عشر من سبتمبر ، خطابا إلى الأمة عبر التلفزيون ، وكان ذا نبرة صوفية [1] ، ومما جاء فيه :

(...) لقد استهدفت أمريكا لأنها تشكل المنارة المضيئة للحرية والتقدم في العالم . ولا احد سيحول دون أن يضيء هذا النور . لقد رأت بلادنا الشر في هذا اليوم ، وهو أسوأ ما في الطبيعة البشرية . ولقد تصدينا بأحسن ما لدينا في أمريكا من خلال إقدام فرق الإغاثة وتقديم المساعدة إلى الآخرين. والجيران الذين جاءوا للتبرع بدمهم وتقديم كافة أشكال المساعدات (...) ويجري البحث لمعرفة من كانوا وراء هذه الأعمال الشنيعة . وقد أصدرت تعليماتي لكي تنصب كافة إمكانياتنا ، في المجال الاستخباراتي ، لإلقاء القبض على الضالعين وتقديمهم للعدالة . ولن نميز بين الإرهابيين الذين نفذوا هذه الأعمال ، وبين من يحمونهم (...) وأطلب منكم هذا المساء ، أن تصلوا من اجل كل الذين يعانون ، ومن أجل الأطفال الذين تحطم عالمهم ، من اجل كل من تعرضت سلامته للتهديد . كما أنني سأصلي من أجل أن يشد العلي القدير من أزرهم ، وهو القائل منذ الأزل في الزبور 23 : " وإذا أمشي في وادي الموت المظلم فاني لا أخشى الشر لأنك معي " .

وهذا يوم يشاطر فيه الأمريكيون أنى كان أصلهم ، إصرارنا على السعي إلى العدالة والسلم . لقد تصدت أمريكا للأعداء في الماضي وكذلك سنفعل اليوم . لا احد فينا سينسى هذا اليوم أبدا . ومع ذلك سنواصل الدفاع عن الحرية وكل ما هو خير وعادل في العالم . شكرا لكم . طابت ليلتكم ، وليبارك الله أمريكا " اهـ .

بالرغم من هذا الخطاب الوحدوي ، وفي الوقت الذي ما زالت تعتبر فيه ، رسميان مسئولية أسامة بن لادن مجرد فرضية، تمت الدعوة داخل إدارة الرئيس بوش ، إلى خيارين على طرفي نقيض . فبينما يدعو المعسكر المعتدل الملتف حول وزير الخارجية الجنرال كولن باول ، وقائد أركان الحرب للجيوش المشتركة الجنرال هوج شلتون ، إلى رد محدود على الطريقة التي أمر بها كلينتون سنة 1998، إذ أطلقت خلال تلك السنة صواريخ " طوما هوك " من غواصات تجوب بحر عمان على معسكرات تدريب تابعة لتنظيم القاعدة (في أفغانستان ) ، وعلى مصنع الشفاء للأدوية (في السودان) ، ردا على الهجومين اللذين نفذا ضد السفارتين الأمريكيتين في دار السلام ونيروبي.

وفي الجهة المقابلة ، اعتبر " الصقور " أن هذه الضربات لم تكن ذات مفعول ، مادامت القاعدة قد بدأت تنفذ هجماتها من جديد ، ويعتبرون أن التدخل العسكري على أرض أفغانستان هو وحده الكفيل بالقضاء نهائيا على قواعد أسامة بن لادن . ولكن لا ينبغي أن تتوقف الحملة عند هذا الحد ، بل عليها أن تتواصل لتدمير كل مصادر التهديد المحتملة، بمعنى تدمير كل المنظمات والدول التي يحتمل أن تصبح مصدر تهديد كتنظيم القاعدة.

ويعتبر العجوز هنري كسنجر ، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق [2] ، والمشرف على جميع العمليات السرية التي نفذاها الأجهزة السرية ما بين سنة 1969 وسنة 1976، والوجه المهيمن ، هو مصدر الهام " الصقور " . فبمجرد ما انتهى تدخل الرئيس المنقول على التلفزيون [3]، نشر وجهة نظره على موقع صحيفة واشنطن بوست على الانترنت ، وفيها وضع النقط على الحروف :

"على الحكومة أن تضطلع بمهمة تقديم جواب منهجي يفضي ، كما نأمل ذلك، إلى ذات النتيجة التي تلت الهجوم على بيرل هاربور، وهي تدمير الجهاز المسئول عن هذا الهجوم. وهذا الجهاز هو شبكة منظمات إرهابية تختبىء في عواصم بعض البلدان. وفي عدد كبير من الحالات لن نعاقب هذه البلدان لكونها تحتضن هذه المنظمات، بل ستظل علاقاتنا في حالات اخرى عادية مع هذه البلدان (...) إننا لم نعرف بعد ما إذا كان أسامة بن لادن هو مدبر هذه العمليات التي تحمل مع ذلك خصائص عملية من النوع الذي يدبره بن لادن. غير أنه مع ذلك ، إذا كانت أي حكومة قد احتضنت مجموعات إرهابية قادرة على تنفيذ مثل هذا النوع من الهجمات، حتى وان كانت هذه من اجل ذلك. علينا تقديم الإجابة بكل هدوء وبطريقة عقلانية لا هوادة فيها " .

وبينما كان الرأي العام الأمريكي ما يزال تحت الصدمة ، يبكي قتلاه ، كان يهيمن خلال يومي 11 و 12 سبتمبر، داخل الولايات المتحدة وداخل التمثيليات الدبلوماسية للعالم أجمع، ثلاثة أسئلة هي: هل سيحمل جورج بوش تنظيم القاعدة مسئولية ما وقع؟ ما هو نوع العمليات الذي سيقرره في أفغانستان؟ هل سيزج ببلاده في حرب طويلة الأمد ضد أعدائه الحقيقيين والمفترضين؟.

كان المسئولون الأمريكيون يدلون بالعديد من التصريحات حول ضلوع أسامة بن لادن ومنظمته في تدبير وتنفيذ الهجمات. فقد قدم مدير وكالة الاستخبارات المركزية، جورج تينيت، للرئيس بوش، سلسلة من التقارير حول اعتراض مكالمات هاتفية أجراها تنظيم القاعدة يوم11 سبتمبر. [4] قد يكون التخطيط للهجمات قد جرى منذ سنتين وهي ليست سوى، بداية لسلسة طويلة، وقد يكون الكابتول والبيت الأبيض من بين الأهداف. وقد يكون قادة القاعدة اعتقدوا خطأ، أنهم ضربوا أهدافا عدة ، "وقد شكروا الله على التفجيرات التي وقعت في مبنى الكابتول"، وكما أنهم قد يكونوا أثنوا "تدمير البيت الأبيض"، واحتفوا بـ "مخطط الدكتور"، (أي الدكتور أيمن الظواهري، الساعد الأيمن بن لادن)، وقد تكون العملية قد أطلقت على يد أبي زبيدة الذي كانت الشكوك تحوم حوله باعتباره منظم الهجوم على المدمرة الأمريكية " كول" في اكتوبر 2000، من المحتمل أن يكون هو من أعطى "إشارة البدء".

بعد ذلك خاطب الرئيس بوش الصحافة [5] قائلا : " لقد عقدت للتو اجتماعا مع المستشارين في مجال الأمن القومي، قدمت خلاله أجهزة الاستخبارات آخر التطورات.

إن الهجمات الإجرامية المبيتة التي نفذت أمس ضد بلادنا، لم تكن مجرد إرهاب ، إنها أعمال حرب. وعليه يتوجب على بلادنا أن تتحد بإصرار وعزم لا يلين ، لان الهجوم كان على الحرية والديمقراطية.

على الشعب الأمريكي أن يدرك أن العدو الذي نواجهه اليوم ، ليس كأعداء الماضي . هذا العدو يشتغل في الخفاء ولا يعير أي احترام للنفس البشرية. يختار ضحاياه من بين الأبرياء المطمئنين. وبعد اقتراف عمله يلوذ بالفرار . غير انه لا يمكن أن يظل هاربا إلى الأبد. انه عدو يحاول أن يختفي ، غير انه لا يمكن أن يختفي إلى الأبد ، عدو يعتقد أن مخابئه آمنة ، لكنها تظل كذلك إلى الأبد . لم ينفذ هذا العدو هجومه على شعبنا فقط ، ولكن على الشعوب المحبة للسلام في العالم كافة. وستستعمل الولايات المتحدة كل الإمكانيات التي بحوزتها من أجل إلحاق الهزيمة بهذا العدو. سنجمع العالم، وسنتحلى بالصبر، سنظل مركزين على هدفنا، ثابتين في إصرارنا .

إن هذه المواجهة تتطلب الوقت والإصرار . ولكن كونوا على يقين من أننا سنفوز فيها (...) ولن نسمح لهذا العدو أن ينتصر في الحرب بتغيير طريقة عيشنا والحد من حرياتنا. في صباح هذه اليوم طرحت على الكونجرس طلب اعتمادات مالية مستعجلة لتمكيننا من الوسائل الضرورية لإغاثة الضحايا ومساعدة مواطني واشنطن على أن يخرجوا من هذه المأساة، وكذلك حماية أمننا القومي. وأود أن أتوجه بالشكر إلى أعضاء الكونجرس على اتحادهم ودعمهم, إن أمريكا موحدة، وان أمم العالم المحبة للسلام تقف إلى جانبنا, وان حرب الخير ضد الشر ستكون ضروسا ، ولكن الخير سينتصر" .

وباستثناء وزارة الخارجية البريطانية التي لم تتوقف عن التصريحات الميالة للحرب، فان التمثيليات الدبلوماسية في العالم أجمع كانت تنظر بعين القلق إلى ردود فعل الرئيس بوش. فقد علموا على وجه السرعة أن مصالح الاستخبارات الألمانية والمصرية والفرنسية والإسرائيلية والروسية، قد حذرت دون جدوى نظيرتها الأمريكية مما كان يجري التحضير له، قد كانت وكالة الاستخبارات المركزية تقلل من شأن هذا التهديد. كما تساءلت حول صدقية تقارير وكالة الاستخبارات المركزية ـ التي أصبحت مسهبة بشكل مفاجىء ـ والتقدم ـ السريع جدا ـ الذي ي أحرزه تحقيق مكتب التحقيقات الفدرالية. وأعربت عن خشيتها من أن يتسرع الرئيس بوش ويحدد جانيا، أيا كان، من أجل طمأنة الرأي العام الداخلي. ومن أن يدفع بلاده إلى رد عسكري فوري وغير محدود.

وفي اليوم ذاته، صادق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على القرار رقم 1368 [6] الذي يعترف بالحق اللازم (للولايات المتحدة) في الدفاع عن النفس، إما بشكل فردي أو جماعي طبقا لميثاق ( سان فرانسيسكو ) . وينص القرار أيضا على "أن مجلس الأمن يدعو كافة الدول إلى العمل سوية من أجل تقديم المنفذين والمنظمين والمشرفين على هذه الأعمال الإرهابية إلى العدالة. ويؤكد أن على الذين يتحملون مسئولية مساعدة أو دعم وإيواء المنفذين أو المنظمين أو المشرفين على هذه الأعمال أن يخضعوا للمساءلة ".

وبصيغة أخرى، يعترف مجلس الأمن بحق الولايات المتحدة الأمريكية في خرق سيادة الدول التي تحمي مدبري الهجمات، إذا تطلب الأمر ذلك، لإلقاء القبض على هؤلاء الإرهابيين وتقديمهم إلى العدالة الدولية. غير انه لا يرخص للولايات المتحدة بأن تثأر لنفسها وبنفسها، أو بمهاجمة الدول والإطاحة بالحكومات.

وفي المساء، عقد مجلس حلف شمال الأطلسي اجتماعا مغلقا. وقررت الدول الأعضاء تقديم المساعدة للولايات المتحدة، إذا تطلب الأمر ذلك، لإلقاء القبض على هؤلاء الإرهابيين وتقديمهم إلى العدالة الدولية. غير أنه لا يرخص للولايات المتحدة بأن تثأر لنفسها بنفسها، أو بمهاجمة الدول والإطاحة بالحكومات.

وفي المساء، عقد مجلس حلف شمال الأطلسي اجتماعا مغلقا. وقررت الدول الأعضاء تقديم المساعدة للولايات المتحدة ـ وليس إشراك جيوشها الخاصة ـ للتصدي للهجوم الذي نفذ ضد أمريكا. وعلى غير العادة، كان مجلس الحلف متوترا، لأن بعض الأعضاء يعتقدون باحتمال تدبير هذه الهجمات من داخل دواليب الدولة الأمريكية، ويرفضون خوض "حرب على الإرهاب". ولدى خروجه من الاجتماع، صرح الأمين العام للحف اللورد جورد روبرتسون قائلا: " إذا تأكد أن هذا الهجوم قد دبر من الخارج وضد الولايات المتحدة (كذا)، فسيعتبر عملا ينطبق عليه الفصل الخامس من معاهدة واشنطن" [7]

وتعبيرا عن قلقه من المنحى الذي اتخذته الأحداث، أجرى الرئيس الفرنسي جاك شيراك اتصالا هاتفيا بالرئيس جورج بوش، وفي معرض تذكيره بان فرنسا كانت على الدوام الحليف الأكثر وفاءا للولايات المتحدة ، إن لم تكن الأكثر طاعة أوضح الرئيس شيراك ، بلباقة للرئيس بوش أن قرار مجلس حلف شمال الأطلسي ليس شيكا على بياض أو انخراطا في السياسة الأمريكية .

وبعد أيام قلائل، توجه جاك شيراك إلى الولايات المتحدة في زيارة كانت متوقعة منذ مدة طويلة. وكان الرئيس الفرنسي يدلي، من جهة، بتصريحات عدة حول التضامن العميق مع الشعب الأمريكي ، ومن جهة ثانية ، يعقد مؤتمرا صحفيا مشتركا مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان من اجل التخفيف من حنق الولايات المتحدة. وقد صرح دون مواربة "إن (الرد الأمريكي) يجب أن يطال الإرهابيين الذين حددت هويتهم ، واحتمالا على البلدان أو المجموعات ، التي تثبت الدلائل ، أنها قدمت مساعدة لهذه المجموعات الإرهابية التي تم التعرف عليها ".

ويبدو أن الخوف الذي أعربت عنه البعثات الدبلوماسية ، قد تأكد بواسطة طارئ حدث خلال المؤتمر الصحفي المشترك [8] لوزير العدل جون اشكر وفت ومدير مكتب التحقيقات الفدرالي روبير مولر الثالث. فبينما كان قائد الشرطة يوضح للصحافيين ضرورة عدم التسرع في التحقيق حتى الحصول على الأدلة الضرورية على تورط المتهمين ، قاطعه وزير العدل بخشونة . وأكد جون اشكر وفت أن الوقت ضيق وأن مهمة مكتب التحقيقات الفدرالي هي إلقاء القبض ، بأسرع ما يمكن ، على شركاء الإرهابيين ، قبل أن ينفذوا جرائم أخرى . أما الدلائل فلا حاجة إليها.

وفي يوم 13سبتمبر ، زادت الأمور حدة. ففي الصباح ، اخلي البيت الأبيض بشكل جزئي اثر إنذار مضاد للإرهاب – وهو أمر أضحى معهودا – ونقل نائب الرئيس تشيني إلى مكان بعيد وآمن . وفي ما بعد ، اتضح انه إنذار خاطىء ودراما نفسية حقيقية . وفي ما بعد الظهر ، كان مساعد كاتب الدولة في الدفاع بول فولفوفيتز ، هو الذي يعقد اللقاء الصحفي للبنتاجون [9] وبول فولفوفيتز هو المتحدث المفوض باسم المعسكر المحافظ الأكثر تحفظا داخل اللوبي الصناعي العسكري . وهو يناضل منذ مدة من اجل إنهاء " العمل القذر" في العراق ، ويرى في أحداث 11 سبتمبر مسوغا سهلا للانقلاب المرغوب فيه على صدام حسين . فهو لم يحدد أي هدف خلال اللقاء الصحفي ، لا أفغانستان ولا العراق ، ولكنه أكد أن الرد سيكون على شكل حملة ، وليس عملا معزولا. وشدد بقوله : " إننا سنطارد هؤلاء (الإرهابيين) ومن يساندهم إلى أن ينتهي كل هذا . فعلى هذا النحو ينبغي أن نتحرك " .

واعتقادا منه بان يقطع الطريق امام "الصقور"، اعتبر وزير الخارجية كولن باول ان أسامة بن لادن هو المتهم الرئيسي وقال : ان التحضير يجري بسرعة لتدخل – يأمل ان يكون محدودا – في أفغانستان . ووجه ما يشبه الإنذار الأخير لباكستان لإلزامها على ان تضع رهن إشارة الولايات المتحدة ، كل البنية التحتية العسكرية المتوفرة لديها ن وان تضع حدا لكل علاقة سياسية أو اقتصادية مع نظام طالبان فورا . [10]

وفي الواقع ، كما سنرى ذلك لاحقا ، فان النقاش الذي يهز واشنطن ليس جديدا. فالخياران ( توجيه ضربات ضد أفغانستان أو حربا شاملة على الإرهاب)، تم بحثهما وتحضيرهما قبل الهجمات؟ ولا علاقة لمبرر وجودها بأحداث 11سبتمبر، بالرغم من أن هذه الأحداث تقدم ذريعة للقيام بعمل. ومن ها تتلخص الخصومة في ما إذا كان الرأي العام قادرا على الاكتفاء بالقيام بضربات ضد أهداف محدودة فقط ، أو هو مهيأ نفسيا، يحكم الصدمة العنيفة التي تلقاها، إلى القبول بحرب طويلة الأمد. وفي المحصلة، ستكون الصدمة النفسية من الأهمية، بحيث لن يكون على واضعي الاستراتيجيات في واشنطن الاختيار بين الأمرين، لأنه سيكون بامكانهم اعتمادهما معا.

وفي منتصف ف يوليو 2001، وعندما شعر بفشل المفاوضات المتعددة الأطراف التي جرت في برلين حول مستقبل أفغانستان، أطلق الوفد الأمريكي، الذي كان يوقده توم سيمونس (سفير سابق في أفغانستان) وكارل اندروفت (مساعد وزير الخارجية سابقا) ولي كولدر (خبير سابق لدى وزير الخارجية)، نبرة تهديد. فحسب سفير سابق لباكستان في باريس، نياز نايك، الذي شارك في المفاوضات ، فقد صرح الأمريكيون أنهم سيغزون أفغانستان في منتصف أكتوبر وسيطيحون بنظام طالبان. [11]

في بداية شهر سبتمبر، وتحت غطاء المناورات العسكرية السنوية ، في بحر عمان ، التي أطلق عليها اسم ك "الحصاد الأساسي - Essential Harvest " ، شرعت المملكة المتحدة في إجراء أوسع انتشار لأسطولها البحري منذ حرب المالوين . وجمعت قواتها على ساحل باكستان ، بينما نقل حلف شمال حلف الأطلسي ، خلال مناورات " النجم الساطع " في مصر ، أربعين ألف جندي إلى المنطقة. وهكذا كانت القوات البريطانية الأمريكية قد أخذت مواقعها قبل وقوع الهجمات .

أما في ما يخص " الحرب على الإرهاب "، فقد جرة التحضير لها ، ولمدة طويلة ، من طرف أركان الحرب للجيوش المشتركة من خلال إجراء جولتين من " لعبة الحرب – الافتراضية - )، أطلق عليهما : الحرب الشاملة الرابعة. (Global Engagement4 / JEFX99 ) [12] ، فقد وضعت التدابير التكتيكية خلال آخر حرب افتراضية في يونيو 2000. غير أن "لعبة الحرب" التي كان قد برمج اجراؤها في يونيو2001، ألغيت. وهو ما فسره الضباط المعنيون كإشارة على قرب القيام بالتحرك.

لقد كره الأمريكيون، دائما، المبادرة إلى خوض حرب. وقد حرصوا في السابق على اعتبار تدخلاتهم العسكرية عمليات رد مشروعة. ومع وقوع هجمات 11 سبتمبر، حصلوا على مناسبة طالما حلموا بها.

.........................

[1] انظرStatement by The President In His Address To The Nation :http://www.whitehouse.gouv/releases/...0010911_16html
[2] انظر كتاب Les crimes de Monsieur Kissingerلمؤلفه كريستوفر هتشنز -دار سان سيمون للنشر 2001.
[3] بدأ خطاب الرئيس بوش على الساعة الثامنةو النصف مساء ونشرت وجهة نظر د.كيسنجر على الانترنت على الساعة التاسعة وأربع دقائق. انظر مقال: Destroy The network،بقلم هنري كيسنجر، صحيفة واشنطن بوست، 11 سبتمبر http://www.washingtonpost.com
[4] اتظر مقال: Wednesday, September 12بقلم بوب وودوارد ودان بالز، صحيفة واشنطن بوست، عدد 28 يناير2002.
[5] انظر Remarks By The President in Photo Opportunity With The National Security Team, September 12 2001
[6] يمكن تحميل قرار مجلس الأمن رقم 1368 الصادر بتاريخ 12 سبتمبر 2001، من العنوان التالي : http://www.un.org/frensh/docs/sc/2001/res1368f.pdf
[7] انظر : حلف الأطلسي يجدد التأكيد على الالتزامات المتخذة بموجب المعاهدة في ما يخص الرد على الهجمات الارهابية ضد الولايات المتحدة، مصلحة الصحافة للحلف الأطلسي، 12 سبتمبر 2001. http://www.nato.int/docu/update/2001/0910/f0912a.htm
[8] لقاء صحفي مشترك بمقر مكتب التحقيقات الفدرالي، 12 سبتمبر 2001، الساعة التاسعة والنصف
[9] انظر: Dod News Briefing , September 13 /2001. http://www.defenselink.mil/news/sep2..._t0913dsd.html
[10] انظر مقال: US Ask Pakistan For Help To Track Down Bin Laden،بقلم رايت وجون كانزفسكي، صحيفة لوس أنجلس تايمز، عدد 14سبتمبر 2001.http://www.latimes.com
[11] هيئة الاذاعة البريطانية: BBC : US Planned Attack On Taliban،بتاريخ 18 سبتمبر 2001،ومقال : Secret memo Reveals US Plan To Overthrow Taleban Regime، في صحيفة الغادريان، عدد 21 سبتمبر 2001.
[12] انظر مقال A New Mindset For Warfare، بقلم وليام .م. أركين ، صحيفة واشنطن بوست، عدد 22 سبتمبر2001

 

موقع المهدي

15/9/2005